-
مقدمة المؤلف
-
السبب الباعث للبخاري على تصنيف جامعه
-
في بيان موضوعه والكشف عن مغزاه فيه
-
في تقطيعه للحديث واختصاره وإعادته له
-
في سبب في إيراده للمعلقات
-
في سياق الألفاظ الغريبة الواردة على المعجم
-
في المؤتلف والمختلف والكُنَى والألقاب والأنساب
-
في الأسماء المهملة التي يكثر اشتراكها
-
في الأحاديث التي انتقدها الدارقطني وغيره
-
أسماء من طعن فيه مرتباً على المعجم
-
في عد أحاديث الجامع
- ترجمة الإمام البخاري
ذِكْرُ رُجُوْعِهِ إِلَى بُخَارَى، وَمَا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَمِيْرِهَا، وَمَا اتَّصَلَ بِذلك مِنْ وَفَاتِهِ
قال أَحْمَد بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ: لِمَّا رَجَعَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ إِلَى بُخَارَى نُصِبَتْ له القِبَابُ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ البَلَدِ، وَاسْتَقْبَلَهُ عَامَّةُ أَهْلِ البَلَدِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَذْكُوْرٌ، وَنُثِرَ عليه الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيْرُ، فَبَقِيَ مُدَّةً، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَمِيْرِ فَأَمَرَهُ بِالخُرُوْجِ مِنْ بُخَارَى، فَخَرَجَ إِلَى بِيْكَنْدَ. وَقال غُنْجَارُ فِي ((تَارِيْخِهِ)): سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُنِيْرٍ يَقُوْلُ: بَعَثَ الأَمِيْرُ خَالِدَ بنَ أَحْمَدَ الذُّهَلِيَّ وَاِلْي بُخَارَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ أَنْ احْمِلْ إِلَيَّ كِتَابَ ((الجامعِ))، وَ ((التَّارِيْخِ)) لِأَسْمَعَ مِنْكَ، فَقالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ لِرَسُوْلِهِ: قُلْ له: إِنِّي لا أُذِلُّ العِلْمَ وَلَا أَحْمِلُهُ إِلَى أَبْوَابِ السَّلَاطِيْنِ، فَإِنْ كانتْ له حَاجَةٌ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ فَلِيَحْضُرَنِي فِي مَسْجِدِيْ، أو فِي دَارِيْ، فَإِنْ لَمْ / يُعْجِبْكَ هَذَا فَأَنْتَ سُلْطَانٌ فَامْنَعْنِي مِنْ المَجْلِسِ لِيَكُوْنَ لِي عُذْرٌ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنِّي لا أَكْتُمُ العِلْمَ، قَالَ: فَكان سَبَبَ الوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا هذا.
وَقال الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَ بْنَ أَبِي عَمْرٍو يَقُوْلُ: كانَ سَبَبُ مُفَارَقَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ البَلَدَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ أَحْمَدَ خَلِيْفَةَ آلِ طَاهِرٍ سَأَلَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَنْزِلَهُ فَيَقْرَأَ ((التَّارِيْخَ))، وَ ((الجَامِعَ)) عَلَى أَولادِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذلك، [311/ب] وَقَالَ: لا يَسَعُنِي أَنْ أَخُصَّ بِالسَّمَاعِ قَوْمَاً دُوْنَ قَوْمٍ [آخرينَ](1). فَاسْتَعَانَ خَالَدٌ بِحُرَيْثِ بْنِ أَبِي الوَرْقَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ بُخَارِى حَتَّى تَكَلَّمُوْا فِي مَذْهَبِهِ، فَنَفَاهُ عَنْ البَلَدِ. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَرِهِمْ ما قَصَدُوْنِي به فِي أَنْفُسِهِمْ وأَولادِهِمْ وَأَهَالِيْهِمْ، قَالَ: فَأَمَّا خَالِدٌ فَلَمْ يَأتِ عليه إِلاَّ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ حَتَّى وَرَدَ أَمْرُ الظَّاهِرِيَّةِ بِأَنْ يُنَادَى عليه، فُنُوْدِي عَلَيْهِ وهو عَلَى أَتَانٍ وَأشْخصَ عَلَى إكَافٍّ ثُمَّ صَارَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ إِلَى الذُّلِّ وَالحَبْسِ، وَأَمَّا حُرَيْثُ بْنُ أَبِي الوَرْقَاءِ فَإِنَّهُ ابْتُلِيَ فِي أَهْلِهِ فَرَأَى فِيْهَا ما يَجِلُّ عَنْ الوَصْفِ، وَأَمَّا فَلَانٌ فَإِنَّهُ ابْتُلِيَ بأَولادِهِ فَأَرَاهُ اللهُ فيهمْ البَلَايَا.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَ القُدُّوْسِ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ يَقُوْلُ: خَرَجَ البُخَارِيُّ إِلَى خَرْتَنْكَ قَرَيَة مِنْ قُرَى سَمَرْقَنْدَ، وَكان له بِهَا أَقْرِبَاءٌ فَنَزَلَ عِنْدَهِمْ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِيْ وَقَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاةَ اللَّيْلِ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ قَدْ ضَاقَتْ عَلِيّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ فَاقْبَضْنِي إِلَيْكِ، قَالَ: فَمَا تَمَّ الشَّهْرُ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِيْ حَاتِمٍ الوَرَّاقِ: سَمِعْتُ غَالِبَ بنَ جِبْرِيْل، وهو الذي نَزَلَ عليه البُخَارِيُّ بِخَرْتَنْكَ يَقُوْلُ: إِنَّهُ أقَامَ أَيَّامَاً فَمَرضَ حَتَّى وُجِّهَ إِلَيْهِ رَسُوْلٌ مِنْ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ يَلْتَمِسْوُنَ مِنْهُ الخُرُوْجَ إِلَيْهِمْ، فَأَجَابَ وَتَهَيَّأَ لِلْرُّكُوْبِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ وَتَعَمَّمَ، فَلَمَّا مَشَى قَدْرَ عِشَرِيْنَ خُطْوَةٍ أو نَحْوَهَا إِلَى الدَّابَّةِ لِيَرْكَبَهَا وَأَنَا آخِذٌ بِعَضُدِهِ قال: أَرْسِلُوْنِي فَقَدْ ضَعُفْتُ، فَأَرْسَلْنَاهُ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ اضْطَجَعَ فَقَضَى، ثُمَّ سَالَ مِنْهُ عَرَقٌ كَثِيْرٌ، وَكان قالَ لَنَا: كَفِّنُوْنِي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيْهَا قَمِيْصٌ وَلَا عِمَامَةً، قَالَ: فَفَعَلْنَا، فَلَمَّا أَدْرَجْنَاهُ فِي أَكْفَانِهِ وَصَلَّيْنَا عليه وَوَضَعْنَاهُ فِي حُفْرَتِهِ فَاحَ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَالمِسْكِ، وَدَامَتْ أَيَّامَاً، وَجَعَلَ النَّاسَ يَخْتَلِفُوْنَ إِلَى القَبْرِ أَيَّامَاً يَأخُذُوْنَ مِنْ تُرَابِهِ إِلَى أَنْ جَعَلْنَا عليه خَشَبَاً مُشَبَّكَاً.
وَقالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَكِّيٍّ سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ آدَمَ الطَّوَاوِيْسِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم فِي النَّوْمِ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وهو وَاقِفٌ فِي مَوْضِعٍ، فَسَلَّمْتُ عليه فَرَدَّ عَلِيّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: ما وُقُوْفُكَ هُنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: أنْتَظِرُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: فَلَمَّا كانَ بَعْدَ أَيَّامٍ بَلَغَنِي مَوْتُهُ فَنَظَرْتُ فإِذَا هو قَدْ مَاتَ فِي السَّاعَةِ الَّتي رَأَيْتُ فِيْهَا النَّبِيَّ صلعم.
وَقال مَهِيْبُ بنُ سَلِيْمٍ: كان ذلك [312/أ] لَيْلَةَ السَّبْتِ لَيْلَةَ عِيْدِ الفِطْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَذلك قال الحَسنُ بْنُ الحُسَيْنِ البَرَّازُ فِي تَارِيْخِ وَفَاتِهِ، وَفِيْهَا أَرَّخَهُ أَبُوْ الحُسَيْنِ ابْنُ قَانِعٍ، وَأَبُوْ الحُسَيْنِ بْنُ المُنَادِيْ، وَأَبُوْ سُلَيْمَانَ بْنُ زَبْرٍ، وَآخَرُوْنَ، قالَ الحَسَنُ: وَكانتْ مُدَّةُ عُمْرِهِ اثْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَة إِلاَّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمَاً. ⌂.
آخرُ المقدمةِ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وصلى الله على سيدِنَا مُحَمَّدٍ أشرفَ المرسلينَ وآلهِ وصحبهِ أجمعينَ وحَسْبُنَا اللهُ ونعمَ الوكيلِ.
وقتُ الفراغِ من نسخِهَا في يومِ الأربعاءِ ثالثِ شهرِ صفرٍ من شهورِ عامِ إِحدى وخمسينَ وثمانِ مائة، على يدِ فقيرِ رحمةِ ربهِ وأحوجِهِم إلى مغفرتِهِ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ المَالِكِيِّ، داعياً لمَالكها أبي الحَسَنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَسَنِ الرَّبَاطِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ البُقَاعِيِّ الشافعيِّ زَكَّى اللهُ عملَهُ وغفرَ له ولوالديهِ. آمين والحمد لله رب العالمين. /
[1] سقط من ت و د.