الصحيح من الأخبار المجتمع على صحته

حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر.

          1009- قالَ الشَّيخُ أبو بكرٍ ☼: أخبرنا أبو حاتم مَكِّي بن عَبْدَانَ، قالَ: حدَّثنا محمد بن يحيى، قالَ: حدَّثنا مُطرِّفٌّ، عن مالك بن أنس.
          قالَ الشَّيخُ أبو بكرٍ ☼: وأخبرنا ابن الشَّرْقي، قالَ: حدَّثنا محمد بن حيويه الإسفراييني، قالَ: أخبرنا مُطرِّفٌ، ويحيى بن يحيى، والقعنبي عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن / عمرو بن حزم(1)، عن حميد بن نافع، عنْ زْيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّها أَخْبَرتْهُ بهَذهِ الأَحَادِيثِ الثَّلاثَةِ(2)، قالَ: قَالَتْ زَيْنَبُ:
          دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلعم حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا، أَبُو(3) سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ _خَلُوقٌ(4) أَوْ غَيْرُهُ_ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللهِ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجِةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يقولُ: «لا يَحِلُّ(5) لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا(6)».
          قَالَتْ زَيْنَبُ: ودَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا(7)، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا(8) وَاللهِ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لا يَحِلُّ(9) لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ، إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
          قَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعْتُ أمِّي _أُمَّ سَلَمَةَ_ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا، أفَتَكْحُلُهَا(10)؟ فقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «لا» مَرَّتَيْنِ أَو ثَلاَثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لا». ثُمَّ قال رَسُولُ اللهِ صلعم: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ(11)، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالبَعْرَةِ عَلَى رَأسِ الحَوْلِ».
          قَالَ حُمَيْدُ بنُ نَافِعٍ: / فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عِنْدَ(12) رَأْسِ الْحَوْلِ؟(13) فَقَالتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشَهَا(14)، فلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، ولا(15) تَمَسُّ طِيْبًا ولَا شَيْئًا حتَّى تَمُرَّ بها سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ _حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ_ فَتَفْتَضُّ(16) بِهِ، فَقَلَّ مَا يُفْتَضُّ(17) بِشيءٍ إلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً، فَتَرْمِي بِهَا(18)، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ. [خ¦5334]


[1] من قوله: «قال الشيخ أبو بكر ☼: أخبرنا أبو حاتم مَكِّي بن عَبْدَانَ» إلى هنا ليس في (ح) و(د) وبعدها: «وعن».
[2] في (ح) و(د): «الثلاث».
[3] قوله: «أبو» ليس في (ح) و(د).
[4] جاء في هامش (ح): «الخلوق طيب مختلط».
[5] في الأصل: «لا تحِلُّ» والمثبت من (ح) و(د).
[6] جاء في هامش (ح): «الإحداد: الامتناع عن الزينة والطيب، وإنما منعت المعتدة في الوفاة من الزينة والطيب، ولم يمنع منه المعتدة في الطلاق؛ لأن الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح، ويوقعان فيه، فنهى عنهما ليكون الامتناع منهما زجرًا عن النكاح، لما كان الزوج في الوفاة معدومًا لا يحامي عن نسبه، ولا يزجر عن زوجته، بخلاف المطلق الذي هو حي، ويحتفظ على المطلقة لأجل نسبه، فاستغنى بوجوده عن زجر آخر، قال القاضي عياض: قال علماؤنا: ولهذا ما عم الاعتداد في جميع نساء الموتى مدخول بها وغيرها، بخلاف المطلقات، استظهارًا لحجة الميت، إذ لعله لو كان حيًا لبين أنه قد دخل بها، كما أنا لا يحكم فيما ثبت عليه من الديون والحقوق إلا بعد يمين الطالب؛ استظهارًا لحجيته لعدمه، قالوا: وهي الحكمة في الزيادة في أمر عدتها على عدة المطلقة، لأنه لما عدم استظهرنا له بأتم البرآت وأوضحها، وهو الأمد الذي يظهر فيه يقين الحمل بحركة الجنين، وذلك في الزيادة، قال أبو العالية من السلف الصالح: ضمت العشر إلى الأربعة أشهر لأن فيها ينفخ الروح».
[7] في (ح) و (د): «أَخُوهَا».
[8] قوله: «أما» ليس في (ح) و(د).
[9] في الأصل: «لا تحِلُّ».
[10] في الأصل و(د): «أفَنكْحُهَا».
[11] في (د): «وعشرا».
[12] في (د): «على».
[13] زاد في (ح): «قال حميد» لكن شطب فوقها بخطوط متقطعة.
[14] في (ح): «حشها»، و جاء في هامش (ح): «حشها أي بيتها»، وفي (د): «خيشها».
[15] في (ح) و(د): «فلا».
[16] في (ح): «فتفيض»، وفي (د): «فتقبض».
[17] في (ح): «ما تفتض»، و في (د): «ما تقبض».
[18] جاء في هامش (ح): «حاشية: قال الإمام: قال بعض العلماء: معنى رميها بالبعرة إشارة إلى أن طول مقامها في سوء تلك الحال أسفًا على الزوج هيِّن، لما توجبه المراعاة وكرم العشرة، كما يهون الرمي بالبعرة، وقال بعضهم: معناه أنها رمت بالعدة وراء ظهرها كما رمت بالبعرة».