البخاري أضواء على حياته وجامعه

دخول الإسلام إلى بخارى

          عرين الأسد
          رايات لا تُطوى
          في عام ░89 هـ ▒ وجَّهَ الحجَّاج كتاباً إلى قتيبة بن مسلم الباهلي يأمره بالتوجُّه إلى بخارى ومحاربة ملِكها (وردان خّذاه)، فنفَّذ القائد أمر الأمير، وسار زحفه باتجاه بخارى دون أن يظفر بنتيجة حاسمة.
          رجع قتيبة إلى مرو فعسكر فيها، وكتب بذلك للأمير؛ ليدرس الموقفَ الحربيَّ عن كثبٍ، ويصدر تعليماته، ولم تمض إلا مدةٌ يسيره حتى أجاب الحجَّاج على رسالة القائد بما يلي:
          المدد العظيم
          (ارجع إلى مراغتك فتُب إلى الله مما كان منك، وائتها من مكان كذا وكذا، وإياك والتحويط...). عاود المسلمون الزَّحف على بخارى، واستنجد أعداؤهم بملوك السُّغد والترك، فأنجدوهم، والتقى الفريقان على مشارف بخارى، والمسلمون أمضى عزيمةً، وأصدقُ بلاءً، بعد كتاب أميرهم والتقيُّد بما فيه، واختارَ قتيبة بني تميم ليكونوا طليعة الزَّحف، وخطب فيهم قائلاً: [يا بني تميم يومٌ كأيامكم] وعبرت النهر فرسانهم وبضع مئات من الجنود، ودارت رحى الحرب، وكبَّر المسلمون؛ لقد فُتحت بخارى، إنَّه المدد العظيم أكسير المعركة. /
          تحطيم السد
          والتقى المسلمون مع الشَّعب هناك، فانفتحت بهم عيون، واستنارت أفئدة، بعد تحطيم السد المنيع من الطغاة والمتألهين. وعلى بساط الإيمان الذي وحَّد بين الشعوب على اختلاف ألوانهم وأجناسهم التقى المسلمون، تجمعهم عقيدة التوحَّيد، وتؤلِّف بينهم رسالة السماء.
          وثبات وبطولة
          ودخلت بلاد بخارى وما وراء النهر في دين الإسلام أفواجاً أفواجاً، واستمسك أهلها بدين الله منذ فجر الإسلام؛ في قلوبهم ثباتٌ لا يتزعزع، وصبر على الشدائد والمحن لا يلين. وسجل لهم التاريخ بطولات كتبوها بدمائهم، ومهروها بمهجهم، فللإسلام في بلادهم رايات لا تُقهر وللإيمان ركائز تتحدى الطاغوت مهما بغى وطغى. ولايزال للإسلام هناك كلمته، وللعلم الشرعي مدارسه.