الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

قول الله تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي}

          ░30▒ ({وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ})[لقمان:27]: أبو عمرٍو بالنصبِ، والباقونَ بالرفعِ، فالنصبُ مِنْ وجهينِ؛ أحدُهما: العطفُ على اسمِ {أَنَّ}، أي: ولو أنَّ البحرَ، و{يَمُدُّهُ}: الخبرُ، الثاني: النصبُ بفعلٍ مُضمَرٍ يُفسِّرُهُ {يَمُدُّهُ}، والواوُ حينئذٍ للحالِ، والجملةُ حاليَّةٌ، ولم يُحْتَجْ إلى ضميرٍ رابطٍ بينَ الحالِ وصاحبِها؛ للاستغناءِ عنه بالواوِ؛ والتقديرُ: ولو أنَّ الَّذي في الأرضِ حالَ كونِ البحرِ يَمُدُّهُ بكذا.
          والرفعُ مِنْ وجهين؛ أحدُهما: العطفُ على {أَنَّ} وما في حيِّزِها، وفي (أَنَّ) الواقعةِ بعدَ (لو) مذهبانِ؛ مذهبُ سيبويه: الرفعُ على الابتداءِ، ومذهبُ المبرَِّدِ: على الفاعليَّةِ بفعلٍ مقدَّرٍ، فَعَلى مذهبِ سيبويه يكونُ تقديرُ العطفِ: وَلَوِ البحرُ، إلَّا أنَّ أبا حيَّانَ قال: إنَّه لا يَلِي (لو) المبتدأُ اسمًا صريحًا إلَّا في ضرورةٍ؛ كقولِه: [من الرمل]
لَوْ بَغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ                     .....................
          وهذا القولُ يُؤدِّي إلى ذلك، وأجابَ: بأنَّه يُغتَفَرُ في المعطوفِ ما لا يُغتَفَرُ في المعطوفِ عليه؛ كقولِهِم: «رُبَّ رَجُلٍ وأخيهِ يقولانِ ذلك»، وعَلى مذهبِ المبرَِّدِ / يكونُ تقديرُه: ولو ثَبَتَ البحرُ، وعلى التقديرينِ يكونُ {يَمُدُّهُ} جملةً حاليَّةً مِنَ {الْبَحْرُ}.
          الثاني: أنَّ {الْبَحْرُ}: مبتدأٌ، و{يَمُدُّهُ}: الخبرُ، والجملةُ حاليَّةٌ، والرابطُ الواوُ، وقد جعلَهُ الزمخشريُّ سؤالًا وجوابًا، وأَنشَدَ: [من الطويل]
وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا                     ........................