المتواري على أبواب البخاري

باب من سمى النفاس حيضًا

          ░4▒ باب من سمَّى النِّفاس حيضاً
          46- فيه أمُّ سلمة ♦ قالت: «بينا أنا مع النَّبيِّ صلعم مضطجعةً في خَمِيصةٍ إذ حِضتُ، فانسللتُ، فأخذت ثياب حَيضتي، فقال: أنُفِسْتِ؟ فقلت: نعم، فدعاني فاضطجعتُ معه في الخميلة». [خ¦298].
          [قلتَ رضي الله عنك:] إن قلتَ: ما فقه التَّرجمة؟ وكيف يطابق(1) الحديث؟ وإنَّما فيه تسمية الحيض نفاساً لا تسمية النِّفاس حيضاً؟ قلتُ: أمَّا فقهها(2) فالتَّنبيه على أنَّ حكم النِّفاس والحيض في منافاة الصَّلاة ونحوها واحدٌ، وألجأه إلى ذلك أنَّه لم يجد حديثاً على شرطه في حكم النِّفاس، فاستنبط من هذا الحديث أنَّ حكمهما واحدٌ.
          وظنَّ الشَّارح أنَّه يلزم من تسمية الحيض نفاساً تسمية النِّفاس حيضاً، وليس كذلك؛ لجواز أن يكون بينهما عمومٌ كالإنسان والحيوان والعَرَض واللَّون، وإنَّما أخذه البخاريُّ من غير هذا، وهو أنَّ الموجب لتسمية الحيض نفاساً أنَّه دمٌ، والنَّفس الدَّم، فلمَّا اشتركا في المعنى الذي لأجله سُمِّي النِّفاس نفاساً وجب جواز تسمية الحيض نفاساً، وفهم أنَّه دمٌ واحدٌ، وهو الحقُّ، فإنَّ الحمل يمنع خروج الدَّم المعتاد، فإذا وضعت خرج دفعةً، وهذا ينبني على أنَّ تسمية النِّفاس لم تكن لخروج النَّفس التي / هي النَّسمة، وإنَّما كان لخروج الدَّم، والله أعلم.


[1] في (ت) و(ع): «تطابق».
[2] في (ع): «فقههما».