المتواري على أبواب البخاري

باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود

          ░5▒ باب إذا اصطلحوا على جورٍ فهو مردودٌ
          439- فيه أبو هريرة وزيد بن خالدٍ: «جاء أعرابيٌّ فقال: يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله، فقام خصمه فقال: صدق، فاقض(1) بيننا بكتاب الله، فقام الأعرابيُّ فقال: إنَّ ابني كان عسيفاً على هذا، فزنا بامرأته، فقالوا(2): على ابنك الرجم، ففديت ابني منه بمئةٍ من الغنم ووليدةٍ، ثمَّ سألت أهل العلم فقالوا: إنَّما (يجب) على ابنك جلد مئةٍ وتغريب عامٍ، فقال النبيُّ صلعم : لأقضيَنَّ بينكما(3) بكتاب الله، أمَّا الوليدة والغنم فَرَدٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مئةٍ وتغريب عامٍ، وأمَّا أنت يا أنيس فاغد على امرأة هذا فارجمها، فغدا عليها أنيسٌ فرجمها». [خ¦2695] [خ¦2696].
          440- وفيه عائشة: قال النبيُّ صلعم : «من أحدث في أمرنا (هذا) ما ليس منه فهو مردودٌ». [خ¦2697].
          [قلتَ رضي الله عنك:] الصلح على الجور قد يكون من الجانبين، وقد يكون من(4) أحدهما، مثاله في أحدهما: أن يدَّعي عليه ديناً فيجحده ويصالحه على بعضٍ، فهذا يقول الدافع أنَّه جورٌ، ولا يُردُّ، بل يمضي، وقد يتَّفقان على أنَّه جورٌ، وذلك بأن [يظنَّ] الدافع أنَّ الدعوى لو ثبتت لزمه منها حقٌّ، فيكشف العيب لهما أنَّ حكمَ الشرع أنَّ هذه الدعوى لو اعترف بها أو ثبتت ببيَّنةٍ(5) لم يلزم فيها حقٌّ، وأنَّها غير متوجِّهةٍ إلى مال الصلح ولا بعضه، فهذا جورٌ يردُّ، وفي(6) مثله خلافٌ عند مالكٍ ☺، قيل: يردُّ اتِّباعاً للحديث، وقيل: يلزم لقوله: «المؤمنون عند شروطهم»، / وقد فرَّط الدافع فكأنَّه تطوَّعَ، والتطوُّع يلزم على أصله(7) بالشروع فيه.


[1] في (ع): «اقض».
[2] في (ت) و(ع): «فقالوا لي».
[3] في (ت): «بينكم».
[4] في (ت): «في».
[5] في (ت): «بَيَّنَته».
[6] في (ت) و(ع): «في» بدون واو.
[7] في (ع): «أهله».