المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم

أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري

          24- أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب المِصْرِيُّ:
          روى عنه مسلم أحاديث كثيرة، واحتجَّ بها في المسند الصحيح. /
          قلت لأبي عبد الله محمَّد بن يعقوب الحافظ: إنَّه يحدِّث عن أحمد بن عبد الرَّحمن! فقال: إنَّ أحمد بن عبد الرَّحمن ابتُلي بعد خروج مسلم من مصر.
          فإمَّا أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب فإنَّا لا نشك في اختلاطه بعد الخمسين، وهو بعد خروج مسلم من مصر، والدليل عليه أحاديث جُمعت عليه بمصر لا يكاد يقبلها العقل، وأهل الصنعة مَن تأَمَّلَها منهم عَلِمَ أنَّها مخلوقة، أُدْخِلَت عليه فقبلها، منها:
          عن عمِّه، عن مالك، عن الزُّهْرِيِّ: «إذا حضر العَشاء، وأقيمت الصَّلاة». /
          وقيل: عنه، عن عمِّه، عن مالك، عن نافع، عن ابن عُمَر: «إنَّ الله زادكم صلاة».
          وعن عمِّه، عن موسى بن يعقوب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس: «من كذب..».
          وعن عمِّه، عن مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد: «إنَّ بلالًا ينادي بليل». /
          وعن عمِّه، عن أُسَامَة، عن محمَّد بن المُنْكَدر، عن جابر: «شر قتلى قتيلٌ بين صفين يبتغي الملك».
          هذه خمسة من جملة أحاديث، فجُمعت عليه، حدَّث بها.
          وقد عرض عليه أبو بكر محمَّد بن إسحاق منها عدة، وأنكر بعضها، وأقرَّ له بالبعض، فممَّا أقرَّ له بها حديثه:
          أ- عن عمِّه، عن ابن لَهِيْعَة، عن يزيد بن أبي حَبِيْب، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنس، قال: لمَّا حملت أم إبراهيم بإبراهيم، وقع في قلب النَّبِيِّ صلعم شيء، لأنَّه كان قد خرج بها معه نَسيبٌ لها من مصر.
          ب- وعن عمِّه، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده: سمعت عمَّار بن ياسر بصفين في اليوم الذي قتل فيه، وهو ينادي: لقيت الجبَّار، وتزوجت الحور العين، محمَّد صلعم عهد إليَّ أن آخر زادك من الدنيا ضِيْح(1) من لبن.
          قال: وكان فيما حدَّث عن عمِّه، عن الثَّوْرِيِّ، عن عاصِم الأحول، عن أنس: «من كذب» فضرب عليه. /
          فأما أبو حاتم الرَّازِيُّ محمَّد بن إدريس رحمنا الله وإياه فحدَّثونا عن أبيه أنَّه(2) عرض كتاب أبيه إليه على أحمد بن عبد الرَّحمن يسأله الرجوع عن أحاديث منها، فثبت عليه ولم يرجع عنه.
          فما يشبه حال مسلم معه إلَّا حال المتقدمين من أصحاب سعيد بن أبي عَروبة، أنَّهم أخذوا عنه قبل الاختلاط، فكانوا فيها على أصلهم الصحيح، فكذا مسلم أيضًا، أخذ عنه قبل تغيره واختلاطه. /


[1] الضِّيْحُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الممْزوجُ.
[2] في الأصل (أ): (أنَّ محمَّدًا).