حاشية على صحيح البخاري لزروق

كتاب الجمعة

          ░░11▒▒ كتاب الجمعة
          الأشهر فيها ضم الميم والسكون والفتح والكسر لغات.
          واتفق على أن يومها كان يسمى في الجاهلية العَروبة بفتح المهملة والموحدة، فأخرج أبو حذيفة في ((المبتدأ)) أن ابن عباس قال: لأن الله جمع فيه الخلائق، وهو ضعيف.
          وفي حديث سلمان: لأن الله جمع فيه خلق آدم. أخرجه أحمد [23718] وابن خزيمة [1732]، وله شاهد عند ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة موقوفاً بسند قويٍّ، ورفعه أحمد [8102] بسند ضعيف.
          ولعبد بن حميد عن ابن سيرين في قصة تجميع الأنصار مع أسعد بن زرارة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فصلى بهم وذكرهم فسموه يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه.
          وقيل: لأن كعب بن لؤي كان يجمع قومه فيه فيذكرهم ويأمرهم بتعظيم الحرم، وأنه سيبعث منه نبي، أخرجه الزبير بن بكار في كتاب ((النسب)) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مقطوعاً.
          وقال الفراء: هو أول من سماها بالجمعة.
          وذكر ثعلب في ((أماليه)): أن قُصياً هو الذي كان يجمعهم.
          وقال ابن حزم: هو اسم إسلامي سمي بذلك لاجتماع الناس فيه للصلاة.
          فوائد ثلاثة:
          أولها: ذكر أهل اللغة أن العَروبة اسم قديم كان للجاهلية مع أسماء أخر للأيام؛ ثم غيروا أسماء الأيام السبعة كلها تسمى: أول، أهون، جبار، دبار، مؤنس، عَروبة؛ شبار.
          وعند ابن حزم: إنما كانت تسمى العروبة وهو مردود بما ذكر.
          الثانية: ذكر ابن القيم(1) من خصوصيات يوم الجمعة: هيئتها، وأنها يوم عيد، ولا يصام منفرداً، وقراءة السجدة و{هَلْ أَتَى} في صبحها، والجمعة والمنافقون فيها، والغسل لها، والطيب، والسواك، ولبس أحسن الثياب، وتبخير المسجد، والتبكير، والاشتغال بالعبادة إلى خروج الخطيب، والإنصات، وقراءة الكهف، ونفي كراهة النَّفل وقت الاستواء، ومَنْعِ السفر قبلها.
          وتضعيف أجر الذاهب إليها، ونفي تسجير جهنم في يومها، وساعة الإجابة، وتكفير الآثام، وأنها يوم المزيد، والشاهد، والمدخر لهذه الأمة، وخير أيام الأسبوع، وتجتمع فيه الأرواح.
          قال بعض المتأخرين: وبقي عليه أشياء: لا يخص ليلها بقيام، وقراءة الجمعة والمنافقون في عشائها، والكافرون والإخلاص في مغرب ليلتها، والأمان من عذاب القبر لمن مات في يومها، واختصاص صلاتها بالجماعة، وبأربعين عدة، وغير ذلك.
          قلت: الأربعين شرط عند الشافعية بخلاف غيرهم، فالتعبير بالجماعة المعتبرة والقرار أشمل.
          ومما يزاد في الجمعة: زيادة الترغيب في الصلاة عليه صلعم تسليماً يومها وليلتها.
          والاستغفار الوارد قبل طلوع شمس يومها، والدعاء الوارد بعد صلاتها، وقراءة الفاتحة وما معها سبعاً عند الانصراف منها.
          والثمانين الواردة بعد صلاة عصرها إلى غير ذلك مما وعد الأسيوطي كان الله له بأنه سيفرد له كراساً / والله أعلم.
          الثالثة: الأكثر على أنها فرضت بالمدينة.
          وقال الشيخ أبو حامد: بمكة لحديث كعب بن مالك ☺: أول من صلى بنا الجمعة قبل مقدم النبي صلعم تسليماً المدينة أسعد بن زرارة، خرجه أبو داود [1069] وابن خزيمة [1724].
          وفي الاستدلال به مغمز يذكر إن شاء الله.


[1] زاد المعاد ░1/363▒ وما بعدها.