الصحيح من الأخبار المجتمع على صحته

حديث: أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر

          1151- قال ☺: قال الشيخُ أبو بكرٍ ☼: حدَّثنا أبو حامدِ بنُ الشَّرْقيِّ، ومَكِّي بن عَبْدَانَ، قالا: حدَّثنا محمد بن يحيى، قالَ: حدَّثنا عبد الرَّزَّاقِ بن هَمَّام، قالَ: أخبرنا معمر، عن الزُّهْري، عَنْ(1) عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ☻: أَنَّ فَاطِمَةَ وَالعَبَّاسَ ☻ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ ♥ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِن النَّبيِّ صلعم، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَه مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُ مِنْ خيبر. فقال لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ: إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: «لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا(2) صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلعم في هَذَا المَالِ». وإنِّي وَاللهِ لا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلعم يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلا صَنَعْتُ(3). قَالَ: فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ، ولَمْ تُكَلِّمْهُ في ذلك حَتَّى مَاتَتْ، فدفنَها عليٌّ ☺ ليلًا، ولم يُؤذِنْ بها أَبَا(4) بَكْرٍ. وكان لعليٍّ ☺ وَجْهٌ مِنَ النَّاسِ حياةَ فاطمة ☻، فلمَّا تُوفِّيَتْ فاطمةُ انصَرَفَتْ وجوهُ الناسِ عن عليٍّ ☺، فمَكَثَتْ فاطمةُ ☻ سِتَّةَ أشهرٍ ثم تُوفِّيَتْ.
          فقال رجلٌ للزُّهري: فلم يُبايعْهُ عليٌّ سِتَّةَ أشهرٍ؟ قالَ: لا، ولا أحدٌ مِنْ بَني هَاشِمٍ، حَتَّى بايعَهُ عليٌّ. فلمَّا رَأَى ذلك ضَرَعَ(5) إلى مُصالَحةِ أبي بكر ☺، فأَرْسَلَ إلى أبي بكرٍ: ائْتِنَا ولا تَأْتِنَا معكَ بأَحَدٍ. فَكَرِهَ أن يأتيَهُ عُمَرُ ☺ لما عَلِمَ / مِنْ شِدَّتِه، فقال عُمَرُ ☺: لا تَأْتِهِم وحدَكَ. فقال أبو بكر ☺: واللهِ لآتِيَنَّهُم وَحْدِيْ، وما عَسَى أنْ يَصْنَعُوا بي؟ فانطلقَ أبو بَكْرٍ حتَّى دَخلَ على عَليٍّ وقد جَمَعَ بني هَاشِمٍ عِندَهُ، فقامَ عليٌّ فحمدَ اللهَ تعالى وأثنى عَلَيه بما هُوَ أهلُهُ، ثُمَّ قالَ:
          أما بعدُ: فإنَّه لم يَمْنَعْنَا أنْ نُبايعَكَ يا أَبَا بكرٍ إنكارًا لِفَضِيلَتِكَ، ولا نَفَاسَةً عَليكَ بِخَيرٍ سَاقَهُ اللهُ إليكَ، ولكنَّا كُنَّا نَرَى أنَّ لَنَا في هذا الأَمْرِ حَقًّا فَاسْتَبْدَدْتُم بِهِ عَلَينَا. ثمَّ ذكر قَرَابَتَهُ من رَسولِ اللهِ(6) صلعم وحقَّهُم، فلم يَزَلْ عَليٌّ يَذكُرُ ذَلِكَ حَتَّى بَكَى أبو بكرٍ ☺. فَلَمَّا صَمَتَ عليٌّ تشهَّد أبو بكرٍ فحَمِدَ اللهَ تعالى وأثنى عَلَيهِ بما هُوَ أهلُه، ثم قالَ:
          أما بعدُ: فواللهِ لقرابةُ رسولِ الله صلعم أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَه مِنْ قَرَابَتي، وإنِّي واللهِ ما أَلَوتُكُم في هَذِهِ الأَموالِ التي كانَتْ بَينِي وبَينَكُم عن الخيرِ، ولكنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلعم يَقولُ: «لا نُورَثْ، ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إنمِّا يأكلُ آلُ مُحمدٍ صلعم في هذا المالِ»، وإنِّي والله لا أذكر أمرًا صَنَعَه(7) فيه إلا صَنَعْتُه إن شاء الله.
          ثم قالَ عليٌّ ☺: موعدُكَ العشيَّةَ للبَيعَةِ(8). فلمَّا صَلَّى أبو بكرٍ ☺ الظُّهرَ أَقْبَلَ على النَّاسِ، ثم عَذَرَ عَليًّا بِبَعضِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ، ثُمَّ قامَ عليٌّ فعَظَّم مِنْ حَقِّ أبي بكرٍ فذَكَرَ فضِيلتَهُ وسَابِقَتَهُ(9)، ثم مَضَى إلى أَبِي بَكْرٍ فبَايَعَهُ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى(10) عليِّ فَقَالُوا: أَصَبْتَ وأَحْسَنْتَ. فكانَ(11) قَرِيبًا إلى عليٍّ حينَ قَارَبَ الأمرَ والمعروفَ. [خ¦6725]


[1] من قوله: «قال ☺: قال الشيخ أبو بكر ☼: حدَّثنا أبو حامد بن الشَّرْقي، ومَكِّي بن عَبْدَانَ» إلى هنا ليس في (ح) و(د)، وفي (ح) و(د): «وعن».
[2] في (ح): «تركناه».
[3] في (ح) و(د): «يصنعه إلا صنعته».
[4] في (د): «أبي».
[5] جاء في هامش الأصل: «ضرع: اضطر».
[6] في (د): «النبي».
[7] زاد في (ح) و(د): «رسول الله».
[8] في (ح) و(د): «البيعة».
[9] في (ح) و(د): «وسالفته».
[10] في (د): «على».
[11] في (ح) و(د): «وكان قريباً».