الصحيح من الأخبار المجتمع على صحته

حديث: لا نورث ما تركناه صدقة

          1149- قال ☺: قال الشيخُ أبو بكرٍ ☼: أخبرنا أبو حامدِ بنُ الشَّرْقي وأبو حاتم / مَكِّي بن عَبْدَانَ، قالا: حَدَّثَنا محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُّهْليُّ، قالَ: حَدَّثني بِشُرُ بن عُمَرَ، قالَ: حَدَّثني مالك بن أنس، عن ابن شهابٍ الزُّهْريِّ(1)، عن مالك بن أوس بن الحَدَثَانِ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ☺ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ، فجئتُه، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ(2)، فقال حين دخلتُ عليه: يَا مَالُ، إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ، فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ فيهم. قُلْتُ(3): لَو أَمَرْتَ غَيْرِي بذلكَ. قَالَ: خُذْهُ. فَجَاءَهُ يَرْفَأُ(4)، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين، هَل لَكَ فِي عُثْمَانَ بن عفان، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بن العوام، وَسَعْدِ بن أبي وقاص ♥ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَه يَرْفَأُ، فَقَالَ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِين، هَلْ لَكَ فِي العَبَّاس، وَعَلِيٍّ ♥ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا فدخلا. فَقَالَ العَبَّاس: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا _يعني عليًّا_ فَقَالَ بعضُهُم: أَجَلْ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْا وَأَرِحْهُمْا. قَالَ مَالِكُ بنُ أَوْسٍ: خُيِّل إِلَيَّ أَنَّهُما قَدَّما أُولَئِكَ النَّفرَ لِذَلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ ☺: اتَّئِدَ(5). ثُمَّ أَقْبَلَ على أُولَئِكَ الرَّهْطِ، فقال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ(6) وَالأَرْضُ، هل تَعْلَمُونَ أنَّ رسولَ اللهِ صلعم قَالَ: «لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاه صَدَقَةٌ»؟ [فَقَالُوا: قَدْ قَالَ ذلكَ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالعَبَّاسِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُما اللهَ الذِي بإذنِهِ تقومُ السماءُ(7) والأرضُ هلْ تَعلَمانِ أنِّ النبيَّ قالَ ذلكَ؟] (8) فقَالا: نعم. قال(9): فإنَّ اللهَ خصَّ رسولَه(10) صلعم بخاصَّةٍ لم يخصَّ بها أحَدًا من النَّاسِ، فقالَ: {وَمَا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ (11) عَلَى مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الحشر:6] فكان(12) اللهُ أفاءَ على رسُولِهِ بني النَّضيرِ، فَوَاللهِ مَا اسْتَأثَرَ بها(13) عَلَيْكُمْ، وَلا أَخَذَهَا دُونَكُمْ، فَكَانَ(14) رَسُولُ اللهِ / صلعم يأخُذُ مِنْها نَفَقَةَ نِسائِهِ(15) ونَفَقةَ أهلِهِ سَنَةً، ويَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ المَالِ. ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى أولئك الرَّهطِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُم بِاللهِ الذي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ(16) وَالأَرْضُ، هل تَعْلَمَون ذلك؟ قالوا: نعم. ثمَّ أقبلَ على العبَّاسِ وعليٍّ ☻ فقال: أَنْشُدُكُمْ(17) بِاللهِ الذي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ(18) وَالأَرْضُ، هل تَعْلمانِ ذَلك؟ قَالا: نَعَمْ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلعم، قَالَ أَبُو بَكْرٍ ☺: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صلعم، فجئتَ أنتَ وهذا إلى أبيْ بكرٍ(19) تَطْلُبُ أنتَ مِيرَاثَكَ مِن ابنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ☺: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». فرأيتماه كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّه صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فوَلِيها أبو بكرٍ(20)، فلمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ قلتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ(21)، فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي صَادِقٌ(22) بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فَوَلِيتُهَا ما شاءَ اللهُ أنْ أَلِيَها، ثُمَّ جِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ(23) وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، فسألتُمانِيها، فقلتُ: إنْ شئتما أن ادْفَعْهَا إِلَيْكما عَلى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ أَنْ تَلياها بِالذي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يليها، فَأَخَذْتُمَاهَا منِّي على ذَلِكَ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بغيرِ ذلكَ، واللهِ لا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وإِنْ(24) عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّهَا(25) علَيَّ. [خ¦3094]


[1] من قوله: «قال ☺: قال الشيخ أبو بكر ☼: حدَّثنا أبو حامد بن الشَّرْقي وأبو حاتم مَكِّي بن عَبْدَانَ» إلى هنا ليس في (ح) و(د)، وفي (ح) و(د): «وعن الزُّهْري».
[2] جاء في هامش (ح): «حاشية: وقوله: (فوجدته على سرير مفضيًا إلى رماله): أي على السرير فراش ورمال السرير هو ما ينسج... فيه عليه، يريد أنه باشر رمال السرير بجنبه، وقوله: (يا مال): هو ترخيم مالك، وقد قرئ ▬ونادوا يا مال↨ وقوله: (دف أبيات من قومك): الدف المشي بسرعة كأنهم جاؤوا يسرعون لضرٍ أصابهم، قال القاضي عياض: الدَّفُّ السَّير ليس بالشديد، وقوله: (قد أمرت فيهم) برضخ بسكون الضاد قال:... هو العطية القليلة... رضخته من مالي رضخة» بعض الكلمات ليست واضحة في الحاشية بسبب سوء في التصوير.
[3] في (ح) و(د) زيادة: «وقد أمرت فيهم برضخ فاقسمه فيهم فقلت».
[4] في هامش الأصل: «يرفأ: اسم غلام عمر ☺ ».
[5] جاء في هامش (ح): «اتئد: بمعنى ارتدع».
[6] في (ح) و(د): «السموات».
[7] في (د): «السماوات».
[8] ما بين المعقوفتين زيادة من (ح) و(د) وليس في الأصل.
[9] في الأصل كأنها: «فإن» مكررة.
[10] في (د): «رسول الله».
[11] قوله: «رسله» ليس في الأصل.
[12] في (ح) و(د): «وكان».
[13] في (د): «استأثرها».
[14] في (ح) و(د): «وكان».
[15] زاد في (ح) و(د): «أو نفقته».
[16] في (د): «السماوات».
[17] في (ح) و(د): «أنشدكما».
[18] في (د): «السماوات».
[19] في (د): «إلى أبو بكر ☺ ».
[20] زاد في (د): «مدة حياته».
[21] في (ح) و(د) زيادة: «فوليتها».
[22] في (د): «لصادق».
[23] في (ح): «بجميع».
[24] في (ح) و(د): «فإن».
[25] في (د): «فردوها». في (ح): «فردَّاها».