أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب مسح اليد بالتراب ليكون أنقى

          ░8▒ هذا (باب مسح اليد) أي: يد المغتسل (بالتراب؛ لتكون) أي: اليد (أنقى)؛ بالنون الساكنة بعد الهمزة المفتوحة، وبالقاف؛ أي: أطهر وأنظف من غير الممسوحة، أو منها قبل مسحها على حد قوله تعالى: {وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف:34]، وذلك لأنَّ أفعل التفضيل لا يستعمل إلا بإضافة، أو بـ (اللام)، أو بـ (من)، والضمير في (لتكون) اسم كان، وخبره قوله: (أنقى)، فلا مطابقة بينهما مع أنَّها شرط بين اسم كان وخبره، وذلك أنَّ أفعل التفضيل إذا كان بـ (من) ولو مقدرة؛ فهو مفرد مذكر، كذا قرره صاحب «عمدة القاري»، ونحوه للكرماني، واعترضه البرماوي فقال: (إن عنى أنَّ اسمها ضمير اليد؛ صح ما قاله، والظاهر أنَّ اسمها يعود على المسح أو نحوه) انتهى.
          قلت: وهذا ممنوع، فإنَّ نسخة صاحب «عمدة القاري» التي شرح عليها كالكرماني بمثناة فوقية، ولهذا أعيد اسم (تكون) إلى اليد.
          فقوله: (والظاهر...) إلخ؛ ليس بظاهر، ولا صحيح، كما لا يخفى، نعم؛ لو كانت النسخة بمثناة تحتية يلزم أن يكون اسم (تكون) عائدًا على المسح، وليست النسخة كذلك، بل النسخ بالفوقية فلا يرد ما قاله؛ فليحفظ.
          قال في «عمدة القاري»: (فإن قلت: هذه الترجمة قد علمت من حديث الباب المتقدم في قوله: «ثم قال بيده الأرض، فمسحها بالتراب»، فما فائدة التكرار؟وأجاب: بأنَّ في الباب الأول دلك اليد على التراب، وههنا دلك اليد على الحائط، وبينهما فرق) انتهى.
          زاد الكرماني فقال: (غرض البخاري من أمثاله؛ الشُّعور باختلاف استخراجات الشيوخ وتفاوت سياقاتهم؛ مثلًا: عمر بن حفص يروي هذا الحديث في معرض بيان المضمضة والاستنشاق في غُسل الجنابة، والحميدي رواه في معرض بيان مسح اليد بالتراب، فحافط على السياق، وما استخرجه الشيوخ فيه مع ما فيه من التقوية والتأكيد) انتهى.