-
مقدمة المصنف
-
الكلام على البسملة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلعم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
باب الوضوء قبل الغسل
-
باب غسل الرجل مع امرأته
-
باب الغسل بالصاع ونحوه
-
باب من أفاض على رأسه ثلاثًا
-
باب الغسل مرةً واحدةً
-
باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل
-
باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة
-
باب مسح اليد بالتراب ليكون أنقى
-
باب: هل يدخل الجنب يده في الإناء
-
باب تفريق الغسل والوضوء
-
باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغسل
-
باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد
-
باب غسل المذي والوضوء منه
-
باب من تطيب ثم اغتسل وبقى أثر الطيب
-
باب تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه
-
باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده
-
باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب خرج كما هو ولا يتيمم
-
باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة
-
باب من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل
-
باب من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل
-
باب التستر في الغسل عند الناس
-
باب إذا احتلمت المرأة
-
باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس
-
باب الجنب يخرج ويمشى في السوق وغيره
-
باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل
-
باب نوم الجنب
-
باب الجنب يتوضأ ثم ينام
-
باب إذا التقى الختانان
-
باب غسل ما يصيب من فرج المرأة
-
باب الوضوء قبل الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
░7▒ هذا (باب) حكم (المضمضة والاستنشاق في) الغسل من (الجنابة) هل هما واجبان أو سنتان، ومثل الجنابة الحيض والنفاس، كما لا يخفى، والإمام المؤلف قصد بهذه الترجمة إثبات وجوب المضمضة والاستنشاق، فاستنبط من الحديث الآتي في هذا الباب وجوبهما، وكذلك الحديث السابق في الباب قبله، فإنَّه يدل على وجوبهما أيضًا؛ حيث إنَّه لم يذكر فيه أنَّه توضأ وضوءه للصلاة، فدل ذلك على وجوبهما، كما لا يخفى، ولهذا عقب هذا الباب بالباب الذي قبله، وهذا ظاهر، كما لا يخفى، وبهذا ظهر فساد ما زعمه ابن حجر تبعًا لما زعمه ابن بطال: من أنَّ المؤلف استنبط عدم وجوبهما من هذا الحديث؛ لأنَّ في رواية الباب الذي بعده في هذا الحديث: (ثم توضأ وضوءه للصلاة)، فدل على أنَّهما للوضوء، وقام الإجماع على أنَّ الوضوء في غسل الجنابة غير واجب وهما من توابع الوضوء، فإذا سقط الوضوء؛ سقط توابعه، ويحمل ما روي من صفة غسله ◙ على الكمال والفضل.
ورد هذا صاحب «عمدة القاري» فقال: قلت: (هذا الاستدلال غير صحيح؛ لأنَّ هذا الحديث ليس له تعلق بالحديث الذي يأتي بعده، وفيه تصريح بالمضمضة والاستنشاق، ولا شك أنَّه ◙ لم يتركهما؛ فدل ذلك على المواظبة، وهي تدل على الوجوب، والدليل على المواظبة عدم النقل عنه ◙ تركه إياهما، وسقوط الوضوء القصدي لا يستلزم سقوط الوضوء الضمني، وعلى كل حال لم ينقل تركهما، وأيضًا النص يدل على وجوبهما، كما ذكرنا فيما مضى) انتهى.
قلت: والنص هو قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6]، فإنَّ معناه: طهروا أبدانكم، فيدخل فيه كل ما أمكن تطهيره من البدن من غير حرج، ولا ريب أنَّ المضمضة والاستنشاق داخلان تحت هذا الأمر، وهو للوجوب، فدل ذلك على وجوبهما بالنص، على أنَّ قول ابن بطال: (استنبط عدم وجوبها...) إلخ؛ فاسد، فإنَّ الظاهر أنَّ المؤلف استنبط وجوبهما بدليل أنَّه عقب هذا الباب بالباب الذي قبله، والأحاديث التي فيهما لم يذكر فيها أنَّه توضأ وضوءه للصلاة، فدل ذلك على أنَّه اغتسل الغسل المفروض بدون سننه، وهو دليل على وجوبهما قطعًا، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم.
وزعم ابن حجر في «الانتقاض» معترضًا على صاحب «عمدة القاري»، فقال: (حكاية هذا الكلام تغني عن تكلف الرد عليه، وقد صرح الحذاق بأنَّ عدم النقل لا يدل على عدم الوقوع، ولا سيما إن وجدت قرينة تدل على عدم الوقوع، وهذا المعترض أكثر من الطعن على من تقدمه) انتهى.
قلت: وهذا الزعم باطل، وأشار بقوله: (حكاية هذا...) إلخ: إلى أنَّ الدليل الذي ذكره صاحب «عمدة القاري» قوي؛ كالجبل الراسخ، فلم يوجد ما يعارضه إلا قوله: (وقد صرح...) إلخ، وهو لا يعارضه أصلًا، فأي قرينة وجدت مع النقل بالوقوع والتصريح بعدم نقل الترك؟ على أنَّ الأحاديث الواردة في ذلك قرينة ظاهرة على أنَّه ◙ لم يتركهما أصلًا، هذا وقد روى البيهقي والدارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلعم: «المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثًا فريضة»، وما زعمه بعضهم من أنَّه ضعيف فاسد؛ لأنَّه روي بطرق متعددة، وبتعدد طرقه يرتقي إلى درجة الصحيح، كما لا يخفى، وقد انعقد الإجماع على أنَّ الفرض مرة واحدة، فهذا دليل ظاهر، وقرينة واضحة على أنَّه ◙ لم يتركهما أصلًا، فدل ذلك على الوجوب قطعًا، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم.
وقوله: (وهذا المعترض...) إلخ؛ فإنا لم نعهد سوء أدب من هذا الإمام الشارح مع من تقدمه من المجتهدين، فإنَّه سيد المؤدبين من الشراح، بل عهدنا سوء الأدب من ابن حجر في حقهم كثيرًا، فلا له أن يقول هذا الكلام، ومقصد إمامنا الشارح بيان الحق والرجوع إليه؛ إذ ما بعد الحق إلا الضلال؛ فافهم، وبما قررناه ظهر فساد ما زعمه ابن حجر من أنَّ الله تعالى لم يذكرهما في كتابه ولا أوجبهما رسوله، ولا اتفق الجميع على إيجابهما، والفرائض لا تثبت إلا بهذه الوجوه، وما كان في معناها انتهى.
قلت: فإنَّ هذا كلام من لم يشمَّ شيئًا من العلم كيف ولم يذكرهما الله تعالى؟ وقد قال [الله] تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6]؛ ومعناه: طهروا أبدانكم، فيدخلان تحت الأمر، فكأنَّه تعالى قال ذلك صريحًا، والنبيُّ الأعظم صلعم قد ثبت عنه وجوبهما قولًا وفعلًا، كما قدمناه، وهما من الفروض العملية، وهي لا تحتاج لإثباتها الإجماع كما زعمه، فإنَّ الإجماع يُحتاج إليه في الفروض العلمية ألا ترى أنَّ من أنكر فرضيتهما لا يكفر؛ لأنَّهما من الفروض العملية لا العلمية، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم، وفي هذا القدر كفاية للمتعصبين؛ فافهم.