أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب الغسل بالصاع ونحوه

          ░3▒ هذا (باب) حكم (الغُسل) بضمِّ الغين المعجمة (بالصاع)؛ أي: بالماء قدر ملء الصاع؛ لأنَّ الصاع اسم للخشبة، فلا يتصور الغسل به (ونحوه)؛ أي: ونحو الصاع من الأواني التي يسع فيها ما يسع في الصاع، ويجوز تذكيره وتأنيثه، قال الجوهري: (الصاع: الذي يكال به، وهو أربعة أمداد، والجمع أصوع، وإن شئت؛ أبدلت من الواو المضمومة همزة، والصواع لغة فيه) انتهى.
          قلت: وهي فصيحة، وبها جاء القرآن، قال تعالى: {صُوَاعَ المَلِكِ} [يوسف:72]، وقال القاضي عياض: (جمع الصاع أصوع، وآصع لكن الجاري على العربية أصوع لا غير، والواحد صاع وصواع وصوع، ويقال: أصوع؛ بالهمزة) انتهى، وقدمنا لك: أن الصاع عند الجمهور ثمانية أرطال بالبغدادي، وهو الصحيح، وقيل: هو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، وهو ضعيف، والرطل البغدادي: مئة وثلاثون درهمًا على الصحيح، فالصاع: ما يسع ألفًا وأربعين درهمًا، وقيل: هو مئة وثمانية وعشرين درهمًا وأربعة أسباع درهم، والعمل على الأول، وهو المعتمد؛ لأنَّ الأصل الثاني، فزادوا فيه مثقالًا لجبر الكسور، فصار مئة وثلاثين درهمًا، وعليه استقر الحال.
          وزعم العجلوني: أن الأرجح الثاني؛ لأنَّه كان موجودًا وقت تقدير العلماء به.
          قلت: وهو فاسد، فإن هذا لا يدل على الرجحان؛ لأنَّ المقصود بيان ملء الصاع، وإذا كان موجودًا وقت التقدير؛ لا ينافي الزيادة لأجل الكسور، فإنه إذا كان كاملًا خير من أن يكون ناقصًا، على أن المقام مقام الاحتياط، فيؤخذ بالأول، ووفَّق بعض علمائنا بين القولين في مقدار الصاع، وجعل الخلاف ليس بحقيقي، فقال من قال: إنه خمسة أرطال...إلخ؛ فمراده بالرطل رطل المدينة: وهو ثلاثون إستارًا، ورطل العراق: عشرون إستارًا، فيكون المجموع على القولين مئة وستين إستارًا، والإستار: ستة دراهم ونصف، وقال بعضهم: الاختلاف بينهم ثابت بالحقيقة، والإستار؛ بكسر الهمزة: أربعة مثاقيل ونصف، كذا في «شرح الوقاية» معزوًّا(1) لـ«الينابيع».


[1] في الأصل: (معزيًّا)، وليس بصحيح.