تحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري

في الكلام على رواته من البخاري إلى النبي صلى الله عليه وسلم

          المقصد الثاني:
          في الكلام على رواته من الإمام البخاري إلى النبي صلعم
          أما البخاريُّ(1)، فهو الإمامُ العالمُ العلَّامةُ الحافظُ الناقدُ الحَبْرُ / المجتهدُ، أبو عبد اللهِ، محمَّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ المغيرةِ، الجعفيُّ مولاهُم. وُلِد بعدَ صلاةِ الجمعةِ لثلاثَ عشرةَ خلتْ من شوالَ سنةَ أربعٍ وتسعينَ ومائة، وكانَ _فيما روي عن أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ الفضلِ(2) البلخيِّ عن أبيه_قدْ ذهبَ بصرُه في صباهُ، وكانتْ له والدةٌ متعبِّدةٌ، فرأتِ الخليلَ ╕ في النومِ، فقالَ لها: «إنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى قَدْ ردَّ بَصَرَ ابْنِكِ عَلَيْكِ بِكَثْرَةِ دُعائِكِ وَبُكائِكِ»، فأصبحت وقد ردَّ اللهُ بصرَهُ.
          وقيل له: كيف كان بدءُ أمرِكَ في طلبِ الحديثِ؟ قال: أُلهِمْتُ حفظَهُ وأنا في الكُتَّاب وسِنِّي عشرُ سنينَ أوْ أقلَّ، ثم خرجتُ من الكتَّاب، وجعلتُ أختلفُ إلى الداخليِّ(3) وغيرِه، فلما طعنتُ في ستَّ عشرةَ حفظتُ كتبَ ابنِ المباركِ ووكيعٍ، ثمَّ خرجتُ مع أمي(4) وأخِي أحمدَ إلى مكةَ، فلما حَجَجْتُ رجعَ أخي، وتخلَّفتُ بها لطلبِ الحديثِ، فلما طعنتُ في ثماني عشرةَ جعلتُ أصنِّف قضايا الصحابةِ والتابعينَ، وأقاويلَهُم، وصنَّفتُ ((كتاب التاريخ)) إذ ذاك عند قبرِ رسولِ اللهِ صلعم.
          ورُوي بالإسنادِ الثابتِ عن محمَّد بن سليمانَ بنِ فارسٍ(5)، قال: سمعت البخاريَّ يقول: (رأيتُ النَّبيَّ صلعم وكأنِّي واقفٌ بينَ يدَيْه، وبيدي مروحةٌ أذبُّ عنه، فسألتُ بعضَ المعبِّرينَ، فقال لي: أنتَ تذبُّ عنه الكذبَ، / فهو الذي حملني على إخراجِ الصحيحِ) .
          وذكر الإمامُ قدوةُ العارفينَ أبو محمَّد بنُ أبي جمرةَ في ((اختصاره للبخاري)) عمَّن لقيه من العارفين، عمَّن لَقِيَه من السادةِ المقرِّ لهم بالفضل: «أنَّ صحيح البخاري» ما قرئ في شدَّةٍ إلا فرِّجتْ، ولا رُكِبَ بهِ في مركبٍ فغرقَ، وقال: وكانَ مُجابَ الدعوة، وقد دعا لقارئِهِ(6) .
          وقال أبو بكرٍ بنُ خزيمةَ: (ما رأيتُ تحتَ أديمِ السماءِ أعلمَ بالحديثِ من محمَّدِ بنِ إسماعيلَ البخاريِّ) .
          وقال يعقوبُ بنُ إبراهيمَ الدَّوْرَقِيُّ(7)، ونُعيمُ بن حمَّادٍ المروزيُّ(8) : (محمَّدُ بنُ إسماعيلَ فقيهُ هذهِ الأمةِ) .
          وقال رجاء بن مُرَجَّى(9) : (فضلُ محمَّدِ بنِ إسماعيلَ على العلماءِ كفضلِ الرجالِ على النِّساءِ) .
          وقال الحسين بن حُرَيث(10) : (لا أعلمُ أنِّي رأيتُ مثلَ محمَّد بنِ إسماعيلَ؛ كأنَّه لم يُخْلق إلَّا للحديثِ) .
          وروي عن أبي حامدٍ أحمدَ بنِ حمدونَ(11) أنَّه قال: سمعتُ مسلمَ بنَ الحجَّاجِ، وجاءَ إلى محمَّد بنِ إسماعيلَ البخاريِّ، فقبَّل بين عينَيْه، وقال: دعْني حتَّى أقبِّلْ رجليكَ يا أستاذَ الأستاذينَ، وسيِّدَ المحدِّثينَ، وطبيبَ الحديثِ في عللِهِ؛ حدَّثكَ محمَّدُ بنُ سلَامٍ، قال: حدَّثنا مَخْلَدُ بنُ يزيدَ الحرَّاني، قال: حدَّثنا ابنُ جريجٍ، عن موسى بنِ عقبةَ عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرةَ ☺ عن النَّبيِّ صلعم في كفارة المجلس؟ فما علته؟!
          فقال محمَّد بن إسماعيل: هذا حديثٌ مليحٌ، ولا أعلم في الدنيا غَيْر / هذا الحديث الواحد في هذا الباب(12)، إلَّا أنَّه معلولٌ؛ حدَّثنا به موسى بن إسماعيل، قال: حدَّثنا وُهَيْبٌ، قال: حدَّثنا سهيلٌ، عن عونِ بنِ عبد الله... قوله. قال محمَّد بن إسماعيل: هذا أَوْلى؛ فإنَّه لا يُذْكر لموسى بن عقبة سماعٌ من سهيلٍ. فقال له مسلمٌ: (أشهدُ أنَّه ليس في الدنيا مثلكَ!) .
          وروي عنه أنه قال: (أحفظُ مائةَ ألفِ حديثٍ صحيحٍ، ومائتي ألفٍ غيرَ صحيحٍ) .
          ورُوِي عنه أيضًا أنَّه قال: (ما وَضَعتُ في ((كتاب الصحيح)) حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصلَّيْت ركعتينِ) .
          ويُحكى أنه قام يومًا يصلِّي، فأطال القيام، فلمَّا فرغ من صلاتِه رفع ذيل قميصه، فقال لبعض من معه: انظر هل ترى تحت قميصي شيئًا؟ فإذا زنبورٌ قد قرصه في ستَّةَ عشرَ موضعًا، وقد تورَّم من ذلك جسده، فقال له بعضهم: كيف لم تخرج من الصلاة من أول قرصةٍ؟! قال: كنت في سورةٍ فأحببتُ أن أتمَّها.
          ورأى بعضُهم النَّبيَّ صلعم في المنام والبخاريُّ خلفه، وكلَّما خطا النَّبيُّ صلعم خطوةً خطا محمَّد بن إسماعيل خطوةَ النَّبيِّ صلعم، ووضع قدمَهُ على موضع قدم النَّبيِّ صلعم.
          وقال أبو زيدٍ المَرْوَزِيُّ(13) : (كنت نائمًا بين الركن والمقام، فرأيت النَّبيَّ صلعم في المنام، فقال لي: يا أبا زيدٍ! إلى متى تدرُس كتاب الشافعيِّ ولا تدرس كتابي؟ قال: وما كتابك؟ قال: جامع محمَّدِ بنِ إسماعيلَ) .
          ورويَ عن عبد الواحد بن آدمَ الطواوِيْسيِّ، قال: (رأيتُ النَّبيَّ صلعم في المنام ومعه جماعة، فقلت: ما وقوفك يا رسول الله؟! قال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري. فلما / كان بعد أيام بلغني موته، فنظرت، فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النَّبيَّ صلعم فيها) .
          وتوفي ☼ ليلة السبت بعد العشاء، ودفن صبيحتها، يوم عيد الفطر، سنة ستٍّ وخمسين ومائتين، وله من العمر اثنانِ وستُّون سنةً، إلا ثلاثة عشر يومًا، ⌂.
          وأما أحمد بن إِشْكابَ، فبكسر الهمزة وفتحها، وسكون الشين المعجمة، وبالكاف، والباء الموحدة، غير منصرفٍ، وقيل: منصرفٌ. أبو عبد الله الصفَّار الكوفيُّ سكن مصرَ، ويقال: أحمدُ بنُ ميمونَ بن إشكابَ، ويقال: أحمدُ بنُ عبد الله بن إشكاب، ويقال: اسم إشكاب: مُجَمِّعٌ. توفي سنة تسعَ عشرةَ ومائتينِ(14) .
          وأما ابنُ فُضَيْل، فهو تصغير فَضْل، ابنِ غزوانَ بنِ جريرٍ الضبِّيُّ مولاهم، أبو عبدِ الرحمنِ الكوفيُّ، صاحب المصنَّفات، وأحد من قرأ القرآن بالقراءة على حمزةَ الزيَّاتِ، وكان ثقةً إلا أنَّه رمي بالتشيُّع، توفِّي سنة خمسٍ وتسعينَ ومائتينِ(15) .
          وأما عُمارةُ، فبضمِّ العين المهملةِ، وتخفيف الميم، ابنُ القعقاعِ بنِ شُبْرُمةَ الضبِّيُّ الكوفيُّ، ثقةٌ، روى عن جماعةٍ وروى عنه آخرون(16) .
          وأما أبو زُرْعة، فبضم الزاي، وإسكان الراء، وبالعين المهملة، اسمه هَرِم، بفتح الهاء، وكسر الراء، ابنُ عمرِو بنِ جريرٍ بنِ عبدِ اللهِ البجليُّ، الكوفيُّ، وثَّقه غير واحد(17) .
          وأما أبو هُرَيرة، فبضم / الهاء، وفتح الراء، تصغير هرَّة(18)، وأفرد بعض الحفاظ في الاختلاف في اسمه جزءًا. وأجمعَ المسلمون على أنَّه كان أكثر الصحابة حديثًا، وأحفظ من روى الحديث في عصره.
          قال إمامُنا الشافعيُّ رحمة الله تعالى عليه: أبو هريرةَ أحفظُ من رَوَى الحديث في دهرِه(19)، وكيف لا يكون ذلك، وقد روي عنه أنَّه قال: قال لي رسول الله صلعم: «أَلَا تسلُني مِنْ هَذهِ الغنائِمِ؟» قلت: أسألُكَ(20) أنْ تعلِّمني ممَّا علَّمك الله! قال: فنزع نَمِرَةً(21) على ظهري ووسَّطَها بيني وبينَه، وحدَّثني حتى إذا استوعَبَ حديثَهُ، قال: «اجمَعْها، فَصَيِّرْها إليكَ»، فأصبحتُ لا أُسقِطُ حرفًا ممَّا حدَّثني به(22).
          وأصلُه في الصحيح بغير هذا اللفظ، أنَّه قال: (إنَّكم تزعمون أنَّ أبا هريرةَ يُكْثِرُ الحديث عن رسول الله! واللهُ المَوْعِدُ           إنِّي كنتُ امرأً مسكينًا؛ أصحبُ رسولَ اللهِ صلعم على مِلْء بَطْني، وكان المُهاجرونَ يشغلُهُم الصَّفْقُ بالأسواق، وكانتِ الأَنصارُ يشغلُهُم القيامُ على أموالهم، فحضرت مع النبي صلعم مجلسًا، فقال: «مَنْ يَبْسُطْ رِداءَهُ حتى أَقْضِيَ مَقالَتي، ثم يَقْبِضْه إليه فَلَنْ يَنْسَ(23) شيئًا سَمِعَهُ مني»، فبسطْتُ بردةً عليَّ حتى قضى حديثَه، ثم قبضْتُها إليَّ، فوالذي / نفسي بيدِهِ، ما نسيتُ ما سمعت منه بعدُ) [خ¦7354] [م:2350].
          قوله: «واللهُ المَوْعِدُ» معناه: فيحاسبَني إن تعمَّدت كذبًا، أو يحاسبَ من ظنَّ بي السُّوء، و«الصَّفْقُ» كنايةٌ عن التبايع، وسُمِّي السوق سوقًا، لقيام الناس فيه على سوقهم.
          ودعا أبو هريرة ☺ يومًا فقال: (اللهمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا لا يُنْسى)، فأَمَّنَ النَّبيُّ صلعم على دعائِه، ثم فعل غيرُهُ من الصحابة ذلك(24)، فقال: «سَبَقَكَ الغلامُ الدُّوْسِيُّ»(25) يعني أبا هريرة.
          وقال له صلعم _حين سأله، فقال: يارسولَ الله! مَنْ أسعدُ الناسِ بشفاعتِكَ؟_: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يا أبا هُرَيرَةَ أَنْ لا يَسْألَني عَنْ هذا الحديثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ على الحديثِ؛ أَسْعَدُ الناسِ بِشفاعتي يَوْمَ القِيامةِ مَنْ قال: لا إلهَ إلا اللهُ خالصًا مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ» أو «نَفْسِهِ» أخرجه البخاريُّ(26) .
          ويُحتَمل أن تكون «ظَنَنْتُ» على بابها، أو بمعنى: علمتُ، قال في ((بهجة النفوس)) : (الأظهرُ: العِلْمُ)، لقرينة قوله: (لِما رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ على الحديثِ)(27).
          وقد يوخر(28) مِنْ ذِكْرِ الحافظ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ الأندلسيِّ في ((مسنده)) لأبي هريرةَ خمسةَ آلافِ حديثٍ وثلاثمائةً وأربعةً وسبعينَ حديثًا، وليس لأحد من الصحابة هذا القدر، ولا ما يقاربُهُ، وقد اتَّفقَ البخاريُّ ومسلمٌ على ثلاثمائةٍ وخمسةٍ وعشرينَ حديثًا، وانفرد البخاريُّ بثلاثةٍ وتسعينَ، ومسلمٌ بمائةٍ وتسعينَ.
          وروى الإمامُ مسلمٌ في / ((صحيحه)) →6551← والإمامُ أحمدُ في ((مسنده))(29)، عن أبي هريرةَ ☺ أنه قال: (ما خلقَ اللهُ تعالى مؤمنًا يَسمعُ بي ولا يَراني إلا أَحبَّني!) . قيل: وما علمُكَ بذلك يا أبا هريرةَ؟! قال: (إنَّ أمِّي كانتْ مشركةً، وإنِّي كنتُ أدعوها إلى الإسلامِ، وكانتْ تأبى عليَّ، فدعوتُها يومًا فأسمعتني في رسولِ اللهِ صلعم ما أكرَهُ، فأتيتُ رسولَ اللهِ صلعم، وأنا أبكي، فقال: «اللهُمَّ اهدِ أُمَّ أَبِي هِرٍّ» فخرجْتُ عَدْوًا، فإذا بالبابِ مُجافٌ، وسمعتُ خَضْخَضَةَ الماءِ، ثم فَتَحْتُ البابَ، فقالتْ: «أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ»، فخرجتُ وأنا أبكي من الفرحِ، فقلتُ: يا رسولَ الله! ادعُ اللهَ أن يحبِّبَنِي وأُمِّيَ إلى المؤمنينَ، فدعا) .
          قوله: «فإذا بالبابِ مُجافٌ» يعني: مغلقًا، و« خَضْخَضَةُ الماءِ»: صوتُ تحريكِهِ.
          والسبب في كنيته بأبي هريرة: ما أخرجَهُ التِّرمذيُّ بسندٍ حسنٍ عن عبدِ اللهِ(30) بنِ أبي رافعٍ، قال: قلت لأبي هريرةَ لِمَ اكْتَنَيْتَ بأبي هريرةَ؟! قال: (كنتُ أرعى غَنَمَ أهلِي، وكانتْ لي هِرَّةٌ صغيرةٌ؛ أضعُهَا في الليلِ في شجرةٍ، وإذا كانَ النهارُ ذهبتُ بها معي، فلعبتُ بها، فكنَّوْني أبا هريرةَ) .(31)
          ونحوُهُ ما أورده الحاكم من حديثِهِ، قال: (إنَّما كَنَوْني بذلك لأنِّي كنتُ أرعى غنمًا لأهلي، فوجدتُ أولاد هرةٍ وحشيةٍ، فجعلتُها في كُمِّي، فلمَّا رحت عليهم، سمعوا أصوات الهريرِ / من حِجْري، فقالوا: ما هذا يا عبد شمسٍ؟! فقلت: أولاد هرةٍ وجدتها. قالوا: فأنت أبو هريرةَ! فلزِمَتْني بعدُ) .(32)
          وقد صحَّ أنَّ النَّبيَّ صلعم كناه «أَبَا هِرٍّ»(33)، وأنَّه ☺ كان يقول: (لا تُكنُّوني أبا هُرَيْرَةَ، فإنَّ النَّبيَّ صلعم كَنانِي: «أبا هرٍّ»، والذَكَرُ خَيْرٌ مِنَ الأُنثى) .(34)
          وقد ترجم البخاري في الأدب من ((صحيحه)) : باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا، وأورد قوله صلعم: «يا أبا هرٍّ»(35)، ونازع ابن بطال في مطابقته للترجمة، فقال: إنَّه ليس من الترخيم، وإنما هو نقل اللفظ من التصغير والتأنيث إلى التكبير والتذكير، وذلك أنه كناه «أبا هُرَيْرَةَ» و«هُرَيْرَة» تصغير هرَّة، فخاطبه باسمها مذَكِّرًا، فهو نقصانٌ في اللفظ، وزيادةٌ في المعنى(36) .
          وحينئذٍ فهو نقصٌ في الجملة، لكنَّ كون النقصِ منه حرفًا فيه نظر، وكان لَحَظَ الاسم قبل التصغير، وهو (هرَّة)، فإذا حذف التاء الأخيرة صدق أنَّه نقص من الاسم حرفًا، وقد ترجم في ((الأدب المفرد)) بقوله: «شيئًا» بدل «حرفًا»(37)، وهو أحسن.
          و (الهرَّة) الأنثى من السنانير، والذكر: هِرٌّ، والجمع: هِرَرَةٌ.
          وهو أَوَّلُ من كُنِيَ بهذه الكُنْيَة، وكان ☺ ينزل في المدينة بذي الحُلَيْفَة، وله بها دارٌ تصدَّق بها على موالِيه، وكان ينوبُ بالمدينة في الصلاة، وصلَّى على عائشةَ، وأم سلمةَ(38) ؛ زوجي النبي صلعم. /
          وكان من ساكني الصفة وملازِمِيها.
          قال أبو نُعَيم في ((الحلية)) : (كانَ عَرِيفَ أهلِ الصُّفَّة) .(39)
          تُوُفِّيَ ☺ سنة تسعٍ وخمسينَ، ودُفِن بالبقيع ☺.
          قال العلَّامة العلاء بن العطار ⌂: (وأما ما اشتُهِرَ في الشام من أنَّ قبره بقرية سَنَاجِيَة(40) بالقرب من عَسْقلانَ، فليس بصحيحٍ، بل ذاك قبر جندرةَ بنِ خيشنةَ أبو قِرْصافَةَ(41) ) .


[1] في المخطوط: الفضيل، والتصحيح من كتب الرجال ومصادر القصة انظر: تاريخ دمشق، 52/56، وفي فتح الباري، 1/478: «يا هذه قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك». وفي إرشاد الساري 1/31: «قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك له».
[2] قال ابن حجر في تغليق التعليق 5/387: «الداخِلِيُّ المذكور لم أقف على اسمه، ولم يذكر ابن السمعاني ولا الرُّشَاطي هذه النسبة، وأظنُّ أنَّها نسبة إلى المدينة الداخلةِ بنيسابور».
[3] في المخطوط: أبي، بالموحدة، وهو تصحيف، والتصويب من إرشاد الساري، 1/31، وهو الصواب، لنشأته ☼ يتيم الأب في حجر أمه.
[4] هو: محمد بن سليمان بن فارس، أبو أحمد الدلال النيسابوري ░3128هـ▒ . انظر: السمعاني، الأنساب، مادة ░الدلال▒ 2/519.
[5] انظر: جمع النهاية في بدء الخير والغاية، المشهور بـ مختصر ابن أبي جمرة، ص12.
[6] هو: يعقوب بن إبراهيم بن كثير، أبو يوسف، العبدي القيسي مولاهم، الدورقي ░166-252هـ▒ المحدث، الحافظ، الإمام، الحجة، صنف المسند. انظر: الجرح والتعديل، 9/202، وسير أعلام النبلاء، 12/141.
[7] هو: نعيم بن حماد بن معاوية، الخزاعي، أبو عبد الله المروزي ░ت: 228هـ▒ الفقيه، الفَرَضي، صدوق يخطىء كثيرًا. انظر: سير أعلام النبلاء، 110/595. وتقريب التهذيب، رقم: 7166، ص655.
[8] هو: رجاء بن مرجَّى بن رافع، أبو محمد المروزي، ويقال: السمرقندي ░ت: 249هـ▒ الحافظ، الناقد، المصنف. انظر: الجرح والتعديل، رقم: 2277، 3/503. وتهذيب الكمال، رقم: 1882، 2/479.
[9] هو: الحسين بن حريث بن الحسن، أبو عمار الخزاعي مولاهم، المروزي ░ت: 244هـ▒ المحدث الثقة، انظر: سير أعلام النبلاء، 11/400، وتقريب التهذيب، رقم: 1314، ص201.
[10] هو: أحمد بن حمدون بن عِمارة، أبو حامد النيسابوري، القصَّار، الأعمشيّ ░ت: 321هـ▒ الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، المُصَنِّفُ. انظر: سير أعلام النبلاء، الترجمة: 318، 14/553.
[11] في فتح الباري ░1/488▒ عن البيهقي في «المدخل» عن شيخه الحاكم: «ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثًا غير هذا»، أما الرواية التي ساقها القسطلاني، فهي رواية الحاكم. انظر: معرفة علوم الحديث، ص113.
[12] هو: محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد، أبو زيد المروزي ░321-371هـ▒ المحدث، شيخ الشافعية، الزاهد، أَجلُّ من روى الصحيح عن الفربري. انظر: سير أعلام النبلاء، 16/313.
[13] انظر: التاريخ الكبير: 2/4. وتهذيب الكمال، رقم: 10، 1/30.
[14] هكذا قال: 295هـ، وهو خطأ، والصواب: خمس وتسعين ومئة. انظر: التاريخ الكبير، وتهذيب الكمال، رقم: 6139، 6/478.
[15] انظر: تهذيب الكمال 5/329 ░4785▒ . والتقريب رقم: ص477 ░4859▒ .
[16] انظر: تهذيب الكمال 8/311 ░7965▒ . والتقريب ص741 ░8103▒ . وفيه: أنه من الطبقة الثالثة من علماء التابعين. وهو مشهور بكنيته مختلف في اسمه.
[17] جاء في هامش المخطوط: «ولا خلاف في تكنيته بها، واختلف في اسمه على نحو عشرين قولًا، فقيل: عبد شمس، وعبد نهم، وعبد العزى، وعبد ياليل، وهذا لا جائز أن يبقى بعد أن أسلم، كما أشار إليه ابن خزيمة، وعبيد بدون إضافة، وعبيد الله، وسُكَين بالتصغير، وسَكَن بفتحتين، وعمرو بفتح العين، وعمير بالتصغير، وعامر، وبريد، وبر، ويزيد، وسعد، وسعيد، وعبد الله، وعبد الرحمن، وجميعها محتمل في الجاهلية والإسلام، إلا الأخيرين فإنهما إسلاميان جزمًا، ومجموع ما قيل في اسم أبيه: خمسة عشر قولًا. قال القطب الحلبي: «إنه اجتمع من اسمه واسم أبيه: أربعة وأربعون قولًا مذكورة في الكنى للحاكم والاستيعاب وتاريخ ابن عساكر»، واختار ابن إسحاق أنه عبد الرحمن، وصححه أبو أحمد الحاكم والرافعي في التذنيب والنووي، وصح [لعلها: وصحح] الدمياطي أنه عمير بن عامر. قاله شيخنا نفع الله بعلومه». اهـ.
[18] الرسالة ص281.
[19] مكررة في المخطوط هكذا: أسألك أسألك.
[20] النَّمرة: ثوب مخطط بالبياض والسواد. انظر: ابن الأثير الجزري، النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة ░نمر▒ 5/118.
[21] أخرجه بنحوه، أبو نعيم في معرفة الصحابة، ترجمة عبد غنم الدوسي ص1890 ░4758▒ ، وبنحوه في الحلية 1/381.
[22] رواية الجزم لأبي ذر عن الحمويي والمستملي: «فلم ينس».
[23] هما زيد بن ثابت وصحابي آخر، كما في روية النسائي.
[24] الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك 3/508، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والنسائي في السنن الكبرى [ر: 5839] ، وقال ابن حجر في الإصابة، 7/438: «بسند جيد».
[25] صحيح البخاري، كتاب: العلم، باب: الحرص على الحديث، رقم: 99، 1/31. وكتاب الرقاق، باب: صفة الجنة والنار، رقم: 6570، 8/117. قلت: قوله: «خالصًا مخلصًا» هكذا قرأ القسطلاني [الإرشاد: 1/195] رموز اليونينية، بالنسبة لروايتي الكشميهني وأبي الوقت، وهو مزج بين روايتين وردتا في كتاب العلم «مخلصًا»: للكشميهني وأبي الوقت، و«خالصًا» للبقية.
[26] انظر بهجة النفوس لابن أبي جمرة.
[27] كذا في المخطوط، وهي غير منقوطة، ولعلها تصحيف: يؤخذ. والعبارة على وجهها في مخطوط دار الكتب المصرية لـ عمدة السامع والقاري، للإمام السخاوي: «وقد ذكر أبو محمد بن حزم أن مسند بقي بن مخلد احتوى من حديثه على خمسة آلاف..».
[28] المسند رقم: 8259، 14/10.
[29] في المخطوط: ░عبيد الله▒ ، والمثبت موافق لما في الترمذي وهو الصواب الموافق لما في تحفة الأشراف: 13560.
[30] الجامع الكبير، أبواب: المناقب، باب: ░119▒ مناقب أبي هريرة، رقم: 4175، 6/368. وقال الترمذي: «حسن غريب».
[31] المستدرك: 3/56.
[32] كما في البخاري، كتاب الغسل، باب الجنب يخرج ويمشي في السوق، رقم: 283، عن أبي هريرة، 1/65.
[33] أورد النقل عن أبي هريرة السخاوي في عمدة السامع والقاري، بصيغة: فيما يروى عنه، وقال ابن حجر في الإصابة: 7/434: أخرجه البغوي بسند حسن.
[34] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا، 8/44. وقد أورد البخاري الخبر تعليقًا: «وقال أبو حازم، عن أبي هريرة..»، والحديث جزء من خبر طويل ساقه البخاري في كتاب الأطعمة، باب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، رقم: 5375، 7/67.
[35] انظر شرح ابن بطال: 9/35.
[36] في الأدب المفرد، ص445: كتاب الأسماء، باب: «من دعا صاحبه فيختصر وينقص من اسمه شيئًا».
[37] ذكر ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة ░4/210▒ هذا القول عن الواقدي، وضعفه فيه، ورجَّح أن وفاة أمَّ سلمة كانت في أيام يزيد، أي بعد وفاة أبي هريرة.
[38] حلية الأولياء 1/376. وعبارة أبي نعيم: «وكان عريف من سكن الصفة من القاطنين ومن نزلها من الطارقين».
[39] سَناجِية: بوزن كَراهيَة ورَفاهيَة؛ قرية بقرب عسقلان، وقيل: هي من أعمال الرملة، وهي قرية أبي قِرْصافة صاحب رسول الله صلعم، وقد روى بعض المحدثين: سِنَّاجية بكسر أوّله وتشديد ثانيه وتخفيف الياء. انظر: معجم البلدان، باب الميم، مادة ░سَنَاجِية▒ 3/269.
[40] هو: أبو قِرْصافة الكناني اسمه جندرة بن خيشنة بن نقير من بني كنانة له صحبة، سكن فلسطين، وقيل كان يسكن أرض تهامة. انظر: معرفة الصحابة 2/644 ░542▒ ، والاستيعاب ص846 ░3112▒ .
[41] غير موجودة في المخطوط، والسياق يتطلبها.