تحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري

المقدمة

          [مقدمة المصنف]
          ♫
          يقولُ فقيرُ عفوِ اللهِ أحمدُ بنُ محمَّدِ ابنِ القسطلانيِّ:
          نحمدكَ يا مَنْ شرحَ صدورَ المؤمنينَ بلوامعِ التسبيحِ والتحميدِ، ونوَّر نواجذَ قلوبِ العابدينَ بمصابيحِ التكبيرِ والتمجيدِ، وأطلقَ ألسنةَ الذاكرينَ من قيدِ الغفلةِ بالتقديسِ والتوحيدِ، وعقَلَ العقلَ بعقالِ التنزيهِ عن التكييفِ والتحديدِ، واصطفى لنفسهِ عبيدًا فسقاهُم من شرابِ محبَّتهِ، فنِعْمَ السادةُ الأصفياءُ خلاصةُ العبيدِ، وروحنَ أرواحَهم براحِ ارتياحِ كرمِه الوافرِ وطَولهِ المديدِ، ونَزَّهَ ألبابَهم في رياض ارتياضِ رحمتِه الواسعةِ وفضلِه المزيدِ، وخَتَمَ أعمالَهم بخاتمِ القَبولِ كما بدأها بالمعونةِ والتأييدِ.
          فسبحانَ من ينصِبُ موازينَ العدلِ في يومِ الوعيدِ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت:46]، فمن ثقُلَتْ موازينُ حسناتِه فهو الرشيدُ السعيدُ، ومن خفَّتْ ولم يرحمْه فهو الشقيُّ الطريدُ {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود:107] .
          أحمدُه إذ مَنَّ علينا بختمِ ((البخاريِّ)) الجامعِ الفريدِ، وأشكرُه شكرًا أرجو به من جودِه المزيدَ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له؛ شهادةً صادرةً عن يقينٍ لا عن تقليدٍ، وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وحبيبُهُ وخليلُهُ؛ واسطةُ عقد الأنبياءِ وبيتُ القصيد، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه(1) صلاةً على عدد القَطْر والرملِ تزيدُ.
          وبعدُ: / فهذا كتابٌ شرحتُ فيه الحديثَ الأخيرَ من كتاب ((صحيح الإمام البخاري ☼ ))، وسمَّيتُه:
          «تحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري».
          واللهُ المسؤولُ أن يُتَوِّجَه بتاج القَبولِ، إنَّه وليُّ كلِّ مأمولٍ.


[1] في الحاشية زيادة: وسلم تسليمًا كثيرًا.