الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم لنقضت الكعبة

          126- (حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ): (عَهْدُهُمْ) فاعلُ (حَدِيثٌ)، و(حَدِيثٌ) خبرُ المبتدأِ، ولم يُحذف خبرُ (لَوْلَا) هنا لأنَّ الخبرَ إنَّما يُحذفُ إذا كان عامًّا، أمَّا لو كان خاصًّا [فـــ]لا يجبُ حذفُه، قال الشَّاعر: [من الوافر]
وَلَوْلَا الشِّعْرُ بِالْعُلَمَاءِ عارٌ(1)                     لَكُنْتُ الْيَوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيد /
          وفي بعضِها: (لَوْلَا أَنْ قَوْمُكِ) بزيادة الكلمة المخفَّفة. انتهى كلامُ الكِرمانيِّ.
          وقال ابنُ مالكٍ: (تضمَّنَ هذا الحديثُ ثبوتَ خبرِ المبتدأِ بعدَ «لَوْلَا»، أعني: قولَه: «لولا قومُكِ حديثٌ عهدُهم بكفْرٍ»، وهو ممَّا خَفِي على النَّحْويين إلَّا الرُّمَّانيَّ والشَّجريَّ، وأقولُ: المبتدأُ المذكورُ بعدَ «لَوْلَا» على ثلاثةِ أضربٍ...) / إلى أنْ قال: (الثَّاني: وهو المخبرُ عنه بكونٍ مقيَّدٍ لا يُدرَكُ معناهُ عندَ حذفِه إلَّا بذكرِه، نحو: «لولا زيدٌ غائبٌ لم أزرْك»، فخبرُ هذا النَّوعِ واجبُ الثُّبوتِ؛ لأنَّ معناهُ يُجهلُ عند حذفِه، ومنه: «لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ»، و«حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ»، فلوِ اقتصرَ في مثلِ هذا على المبتدأِ؛ لظُنَّ أنَّ المرادَ: لولا قومُكِ على كلِّ حالٍ مِنْ أحوالهم لنقضتُ الكعبة، وهو خلافُ المقصودِ؛ لأنَّ مِنْ أحوالِهم بُعْدَ عهدِهم بالكفر فيما يُستقبَل، وتلكَ الحالُ لا تمنعُ مِنْ نقضِ الكعبة وبنائِها على الوجهِ المذكور، ومن هذا النَّوعِ قولُ عبدِ الرحمن ابنِ الحارثِ لأبي هريرةَ ☺: «وَلَوْلَا مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَيَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ»)، وسيأتي الكلامُ على هذا في (الصَّوم) [خ¦1926].
          (بَابًا): بالنَّصبِ بدلٌ، أو بيانٌ، وفي بعضِها بالرَّفعِ، أي: أحدُهما بابٌ يدخُلُه النَّاسُ، والآخرُ بابٌ يخرجونُ منه، وضميرُ المفعولِ محذوفٌ مِنْ (يَدْخُلُ)، أو / هو من بابِ تنازعِ الفعلينِ _يعني: (يَدْخُلُ) و(يَخْرُجُ)_ في لفظ(2) (مِنْهُ).
          وقال شيخُنا العلَّامةُ ابنُ حَجَرٍ: («بَابٌ» هكذا رواه الكافَّةُ على الاستئنافِ، ورواهُ أبو ذرٍّ: «بَابًا... وبَابًا» على البدلِ).


[1] هكذا في النسختين، وبهامش (ب): (يُزْرِي)، وهو الذي في المصادر، «ديوان الشافعي» (ص33)، و«صبح الأعشى» (1/320)، وانظر «مغني اللبيب» (ص359).
[2] في (ب): (لفظة).