الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أن النبي قال له في حجة الوداع: استنصت الناس

          121- و(الاستنصاتُ): (استفعالٌ) مِنَ الإنصات، ومثلُه قليلٌ؛ إذِ الغالبُ أنَّ (الاستفعالَ) يُبنى(1) مِنَ الثُّلاثي، ومعناهُ: طلبُ السُّكوتِ(2)، وهو مُتَعَدٍّ، و(الإنصات) جاءَ لازمًا ومتعدِّيًا، يعني: استُعمِل (أنصتوه) و(أنصتوا له)، لا أنَّه جاء بمعنى الإسكات.
          (لَا تَرْجِعُوا): ممَّا خَفِيَ على أكثرِ النَّحْويِّين استعمالُ (رَجَعَ) كـــ(صَارَ) معنًى وعملًا، ومنه هذا الحديثُ، أي: لا تَصيروا(3). /
          (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ): قال الكِرمانيُّ: (لفظ «يَضْرِبُ» مرفوعٌ على أنَّه جملةٌ مستأنفةٌ مبيِّنةٌ لقوله: «لَا تَرْجِعُوا»، أو وصفٌ كاشفٌ؛ إذِ الغالبُ مِنَ الكفارِ ذلك، وكونُه مجزومًا بأنَّه جوابُ النَّهيِ ظاهرٌ على مذهبِ مَنْ يُجَوِّزُ: لا تكفرْ؛ تدخلِ النارَ) انتهى.
          وقال عياضٌ: (الرِّوايةُ بالرَّفعِ، ومَنْ سكَّنَ الباءَ أحالَ المعنى) لأنَّ النَّهيَ على هذا التَّقديرِ يكونُ عن الكفرِ مجرَّدًا، وضَرْبُ الرِّقابِ جوابُ النَّهي، ومجازاةٌ للكفرِ، وسياقُ الخبرِ يأْباهُ، وجوَّزَه أبو البقاء وابنُ مالكٍ على تقديرِ شرطٍ مضمرٍ، أي: إِنْ تَرجِعوا يضربْ.


[1] في (ب): (ينبني).
[2] في (ب): (السكون).
[3] انظر «شواهد التوضيح» (ص201) (51)، وقوله: (لا ترجعوا...) إلى هنا سقط من (ب).