الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث عمر: كنت أنا وجار لي من الأنصار

          89- (وَجَارٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ): بالرَّفعِ، وجاءَ بالنَّصبِ، مفعولٌ معه.
          قال ابنُ مالكٍ في هذا الحديثِ، وفي حديثِ: كنتُ أسمعُ رسولَ الله صلعم يقول: «كنتُ وأبو بكر وعُمَرُ...» الحديث [خ¦3677]: (تضمَّنَ هذا صحةَ العطفِ / على ضميرِ الرَّفعِ المتَّصلِ غيرَ مفصولٍ بتوكيدٍ أو غيرِه، وهو ممَّا لا يُجيزُه النَّحْويُّونَ في النَّثرِ إلَّا على ضَعْفٍ، ويزعمونَ أنَّ بابَهُ الشِّعْرُ، والصَّحيحُ جوازُه نثرًا ونظمًا، فمن النَّثرِ ما تقدَّم...).
          وقال في «ألفيَّتِه»:[12ب]
وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ                     عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ
أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ                     فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضَعْفَهُ اعْتَقِدْ
          اعلم أنَّه يُعْطَفُ على الظَّاهرِ والضَّميرِ المنفصلِ والضَّميرِ المتَّصلِ المنصوبِ بلا شرطٍ؛ كـــ(قامَ زيدٌ وعمرٌو)، و(إيَّاكَ والأسدَ)، ونحو: {جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} [المرسلات:38]، ولا يَحسُنُ العطفُ على المرفوعِ المتَّصلِ _بارزًا كانَ أو مستترًا_ إلَّا بعدَ توكيدِه بضميرٍ منفصلٍ، نحو: {لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} [الأنبياء:54]، أو وجودِ فاصلٍ _أيَّ فاصلٍ كانَ_ بينَ التَّابعِ والمتبوعِ، نحو: {يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ} [الرعد:23]، أو فَصْلٍ بـــ(لا) بين العاطفِ والمعطوفِ، نحو: {مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا} [الأنعام:148]، وقدِ اجتمعَ الفصلانِ في نحو: {مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ} [الأنعام:91]، ويضعُفُ بدون ذلك؛ كـــ(مررتُ برجُلٍ سَواءٍ والعَدَمُ) بالرَّفعِ، أي: مُسْتَوٍ هوَ والعَدَمُ، وهوَ فاشٍ في الشِّعْرِ، قال الشَّاعر: [من الكامل] /
وَرَجَا الْأُخَيْطِلُ مِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِهِ                     مَا لَمْ يَكُنْ وَأَبٌ لَهُ لِيَنَالَا
          فعطفَ (وَأَبٌ) على الضَّمير المُسْتَكِنِّ في (لَمْ يَكُنْ) مِنْ غيرِ توكيدٍ ولا فَصْلٍ، وهوَ شاذٌّ، هذا ما قالوهُ.
          قال بعضُهم: (وكيفَ يكونُ شاذًّا وفي «صحيح البخاري» [خ¦3677]: «كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ...»، وفيه: «كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ»؟!) انتهى.
          (فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ): إِنْ كانتْ (إِذَا) شرطيَّةً فالعاملُ فيها (جِئْتُ) أو (نَزَلْتُ)، وإِنْ كانتْ ظرفيَّةً فالعاملُ (جِئْتُ).
          (فَضَرَبَ بَابِي): عطفٌ على مقدَّرٍ، أي: فسمعَ اعتزالَ الرَّسولِ صلعم عن زوجاتِه، فرجعَ إلى العوالي، فجاءَ إلى بابي، فضَربَ، ومثلُ هذهِ الفاءِ تُسمَّى بالفصيحةِ.
          (أَثَمَّ هُوَ؟): (أَثَمَّ) خبرٌ، و(هُوَ) مبتدأٌ. /