مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الظاء مع اللام

          الظَّاء مع اللَّام
          1008- قوله: «يُظِلُّهُم الله في ظِلِّه» [خ¦660] يعني: ظِلَّ عَرشِه، كما جاء في الحَديثِ الآخر، وإضافتُه إضافة ملْكٍ، أو على حَذفِ مُضافٍ، أو يريدُ بذلك ظِلَّاً من الظِّلالِ، وكلُّها لله، وكلُّ ما أكنَّ فهو ظِلُّه، وظِلُّ كلِّ شيءٍ كِنُّه، وقد يكون الظِّلُّ بمعنَى: الكنفِ والسَّترِ، ويكون بمعنى في خاصَّتِه ومَن يُدني مَنزِلته ويخصُّه بكرامَته في المَوقفِ، وقد قيل مثل هذا في قوله: «السُّلْطَانُ ظِلُّ الله في الأرضِ»؛ أي: خاصَّتُه، وقيل: سِترُه، وقيل: عِزُّه، وقد يكون الرَّاحة والنَّعيمُ، كما يقال: عَيشٌ ظَليلٌ؛ أي: طيِّبٌ، ومنه: «في ظِلِّ شَجرةِ الجنَّة يسيرُ في ظِلِّها خمس مئة عامٍ» (1)؛ أي: في ذَرَاها وكَنفِها أو راحَتِها ونَعِيمِها.
          وقوله: «أظَلَّهُمُ المُصَدِّقُ»؛ أي: غشِيَهم، و«قد أظَلَّ قَادِماً» [خ¦4418]، و«أظَلَّها يومُ عرفَةَ» [خ¦1783]؛ أي: دنَى وقرُب، كأنَّه ألبسَهُم ظِلَّه.
          وقوله: «كأنَّهما ظُلَّتانِ»؛ أي: سحابتان، ومنه: {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء:189]، وكذلك «الغَمَامَتَانِ»، و«رأيتُ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ» [خ¦7046]، ومنه: «كالظُّلَّة من الدَّبْرِ». [خ¦3045]
          وقوله صلعم: «الجنَّة تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» [خ¦2818]؛ أي: رفعُ السُّيوفِ للضَّربِ بها في سَبيلِ الله / والثَّباتُ لها في وَجهِ العَدُوِّ طلباً لما وعَد الله به المجاهدين الصَّابرين مؤدٍّ إلى الجنَّة؛ فكأنَّ الجنَّة تحت ذلك.
          و«ما زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّه بأَجْنِحَتِهَا» [خ¦1244] يحتَمِل وجهَين(2).
          قوله في حديثِ الهِجْرةِ: «لها ظِلٌّ لم تَأتِ عليه الشَّمسُ» [خ¦3615]؛ أي: لم تفِئ عليه، وهذا يفسِّر معنى الظِّلِّ، والفرقُ بينه وبين الفَيءِ: أنَّ الظِّلَّ من غُدْوةٍ إلى الزَّوالِ ممَّا لم تصِبْه الشَّمسُ، والفَيءُ: بعدَ الزَّوالِ ممَّا قد كانت عليه الشَّمسُ قبلَ ذلك.
          وقوله: «يظَلُّ الرَّجُل إنْ يَدْرِي كم صَلَّى» [خ¦608]؛ أي: يصير، يقال: ظلِلت بكَسرِ اللَّام أفعَلُ كذا أظَلُّ إذا فعَلْتَه نهاراً، وظَلت وظِلت، ولا يقال إلا في فِعْل النَّهارِ، كما لا يقال باتَ إلَّا في فِعْل اللَّيلِ، وأمَّا طَفِق فيقال فيهما معاً، وقد يكون ظَلَّ بمعنَى: دام.
          وقوله: «قد أُظلَّ عليه به» [خ¦1536]؛ أي: صيَّر له ظلَّاً يقيه حرَّ الشَّمسِ.
          1009- و«الظُّلْمُ ظُلُماتٌ» [خ¦2447] يعني: على أهلِه حين يسعَى نورُ المؤمنين بين أيديهم وبأيمَانِهم، أو يكون بمعنى الشَّدائدِ والأهوالِ، كما قال تعالى: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام:63]؛ أي: أهوالهما وشِدَّتِهما، ويومٌ مُظْلِمٌ شَديدٌ.
          و«العِرقُ الظَّالِم» فسَّره مالكٌ: بأنَّه ما احْتُفِر أو غُرِس بغير حقِّه.
          ويُروَى: «ليس لعرقٍ ظالمٍ» [خ¦41/15-3650] على الصِّفةِ وعلى الإضافةِ، والصِّفةُ راجعةٌ إلى صاحبِ العِرقِ؛ أي: لذي عِرْقِ ظالمٍ، وقد ترجِعُ إلى العِرقِ؛ أي: لعرقٍ ذي ظُلمٍ فيه.
          وقوله: «إن كنتِ قارَفْتِ سُوءاً أو ظَلَمْتِ» [خ¦4757] يعني: عصَيتِ، ومنه: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} [فاطر:32]، وقولُ أبي هرَيرةَ في ثناءِ النَّبيِّ صلعم على الأنصارِ: «ما ظلَم بأبي هو وأمِّي» [خ¦3779]؛ أي: ما وضَع الثَّناء عليهم في غيرِ مَوضِعه، وهو معنَى الظُّلم في الوَضعِ.
          وقوله: «انْصُرْ أخَاكَ ظَالمِاً أو مَظْلُوماً» [خ¦2443] فسَّره في الحديثِ: «إن كان مَظْلُوماً أعانه، وإن كان ظَالِماً كفَّه ومنَعَه»؛ أي: نصَره على شَيطانِه الذي أغوَاه، ونَفسِه التي أمرَتْه بالسُّوءِ.
          1010- وقوله: «العَرجاء البيِّنُ ظَلعُها» بإسكانِ اللَّام وفَتحِها؛ أي: البيِّن عرَجُها.
          وقوله: «أُعطِي قوماً / أخاف ظَلَعَهُم» [خ¦3145]؛ أي: مَيلَهم عن الحقِّ وضَعفَ إيمانهم، والظَّلع داءٌ في قوائم الدَّابَّة تَغمِز منه، والظَّلْعُ بالإسكانِ العرجُ، ومنه قولهم: ارْبَع على ظَلْعِك، وظلِعُ الدَّابَّةِ إذا كان غيرَ خِلْقة، فإن كان خِلْقةً قيل: ظلَع بالفَتحِ يظلُع بالضَّمِّ، مثل عرَج وعرِج في الحالَين، ويقال: رجُل ظالعٌ؛ أي: مائلٌ مُذنِبٌ، وهو مأخوذٌ من ظلَعِ الدَّابَّةِ، وحكَى ابنُ الأنباريِّ: ضَالعٌ بضادٍ؛ أي: مائلٌ مُذنبٌ، وذكَر اختلافَ أهلِ اللُّغةِ في الظَّلع الذي هو العرَجُ، هل هو بظاءٍ أو بضادٍ، ويقال من ذلكَ للذَّكرِ والأُنثَى: ظالِعٌ بغيرِ هاءٍ، والضِّلعُ بكَسرِ الضَّاد وسُكونِ اللَّام وفَتحِها أيضاً العَظمُ الذي في جَنبِ الحيوانِ، وكذلك أضلاعُ جَنبِ الإنسانِ، ومنه: «المرأة كالضِّلَعِ» [خ¦5184]، وأمَّا «أضْلاعُ السَّفينةِ» [خ¦65-7144] فبالضَّادِ.
          1011- و«الظِّلْفُ» [خ¦1402] كلُّ حافرٍ مُنشَقٍّ مُنقسم، كما أنَّ الخُفَّ للبعيرِ، والحافِرَ للفَرَس، وما ليس بمُنشقٍّ ولا مُنقَسمٍ، والفِرْسِنَ للبعيرِ، ويُستَعار للشَّاة، ومنه: «ولو فِرْسِن شَاةٍ مُحْرَق». [خ¦2566]


[1] لم أجده هكذا، وفي «المشارق»: «في الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها كذا».
[2] في «المشارق»: (أنها أظلَّتْه لئلا تغيِّره الشَّمس إكراماً له، والآخرُ وهو أظهرُ: تزاحمها عليه للرَّحمة عليه والبرِّ به).