مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الظاء مع الهاء

          الظَّاء مع الهَاء
          1016- قوله: «والشَّمسُ في حُجْرَتِها قبل أن تَظهَر» [خ¦522]؛ أي: تعلُوَ على الحيطَانِ، وتزولَ عن ساحةِ الحُجرةِ، ويُبيِّنها قولها: «والشَّمسُ واقِعةٌ في حُجْرتي لم يَظْهَرِ الفيءُ بعدُ»، كذا في مُسلمٍ عن ابنِ أبي شَيبةَ، وفي البُخاريِّ [خ¦546] عن أبي نُعَيمٍ، ولغَيرِهما: «لم يَفِئِ الفَيءُ بَعْدُ»، تريد فَيْءَ الحُجرة كلِّها، وعند ابنِ عيسى للرَّازي في حَديثِ مالكٍ: «قبل أن يَظْهَر الفَيْء»، وقيل: معناه لم يرتَفِع ظِلُّ الحُجرَة على الجُدُرِ، وقد جاء أيضاً مفسَّراً عند مُسلمٍ: / «لم يَرتَفِع الفيء من حُجرَتِها» كذا لابنِ ماهَانَ والسِّجْزيِّ، وعندَ غَيرِهِما: «في حُجْرَتِها».
          وعندَ البُخاريِّ من روايةِ أبي أُسامَةَ: «لم يخرُج من قَعرِ حُجْرَتِها» [خ¦544]، وقيل معنى تظهر: تزول، كما قال: «وتلك شَكَاة ظاهرٌ عنك عارُها» [خ¦5388]؛ أي: زائل، وكلُّ هذا راجعٌ في المعنى إلى أنَّ الفيءَ لم يعُمُّ الحُجرَة حتَّى ارتَفَع عن حيطَانِها وبقيتِ الشَّمسُ على الجُدُرِ.
          وقول ابنِ عُمرَ: «ظهَرتُ على سَقفِ بَيتٍ» [خ¦149]؛ أي: علوت.
          وقوله صلعم: «حتَّى ظَهَرْتُ لمُسْتوًى» [خ¦349]؛ أي: علَوت.
          وفي حَديثِ الهِجْرةِ: «أسرَينا لَيلتَنا ويَوْمَنا حتَّى ظَهَرْنَا»، كذا لهم.
          وعند أبي ذَرٍّ: «أَظْهَرْنا» [خ¦3652]، فظَهَرْنا؛ أي: علَوْنا في سيرنا ويكون ظَهَرْنا بمعنى: فُتْنا الطَّلب، يقال: ظهرتُ عنه إذا فُتَّه، ومعنى «أظْهَرْنا» سِرنا في الظَّهيرةِ وهي ساعةُ الزَّوالِ؛ لأنَّ الشَّمسَ تظهَرُ في ذلك الوقتِ؛ أي: تعلوا غاية ما لها أن تعلُوَ، وقال يعقُوبُ: الظَّهيرةُ نصفُ النَّهارِ حتَّى تكون الشَّمس حيالَ رَأسِك، وبه سُمِّيت صلاة الظُّهر، وجمع الظَّهيرة ظهائر.
          و«نحر الظَّهِيرَةِ» [خ¦2661] مثل «قَائِمُ الظَّهِيرَةِ» [خ¦3652]، وقيل: نحرُها أوَّلُها.
          و«بَعِير ظَهِير» [خ¦4160] قوِيُّ الظَّهر على الرِّحلةِ.
          وقوله صلعم: «لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ» [خ¦7311]؛ أي: عالِينَ غالبِينَ.
          وقوله: «لم ينسَ حقَّ الله في ظُهُورِها» [خ¦2371] من حقُوقِها: ركوبُ ظَهرِها غير مَشقوقٍ عليها في الرُّكوب ولا في الحَملِ، ومن حقوقها: الحملُ عليها، وإعارةُ فَحلِها، وقيل: يتَصدَّق ببعض ما يَكسِب عليها.
          وقوله: «ظَهَرْتُ به لحاجتي» [خ¦65-6798]؛ أي: جعَلْته وراء ظَهرِي، ويقال فيه: أَظْهَرْت أيضاً، قال أبو عُبيدَةَ: وهو اسْتِهانَتُك بها.
          وقوله: «ظاهَر بين دِرْعَين»؛ أي: لبس درعاً فوق دِرعٍ، وقيل: طارَق بينهما؛ أي: جعَل ظهْر إحداهما لظهرِ الأُخرَى، وقيل: عاوَن، والظَّهيرُ: العَوِينُ؛ أي: قوَّى إحدى الدِّرعَين بالأُخرَى في التَّوقي، ومنه: {تَظَاهَرُونَ} [البقرة:85]، والظِّهارُ منَ المَرأةِ مَعلومٌ.
          وقوله: «مُصْبِـــحٌ على ظَهْرٍ» [خ¦5729] قيل: على سَفرٍ / راكباً الظَّهرَ؛ وهي دوابُّ السَّفرِ، ومنه قوله: «كان يجمَعُ... إذا كان على ظَهْرٍ يَسِيرُ(1)» [خ¦1107]؛ أي: على سَفرٍ راكباً ظهرَ دابَّته، ومنه: «يرعى ظَهرنا» هي دوابُّ السَّفر الحاملةِ للأثقال وغَيرِها.
          وقوله: «فجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ في ظُهْرَانِهِم» بضمِّ الظَّاء ضبَطناه عن شيُوخِنا؛ وهو جمعُ ظَهْرٍ، ومنه: «وإنَّ في الظَّهرِ ناقَة عَميَاء»، و«مَن كان ظَهرُه حاضِراً».
          وقوله في الصَّدَقةِ: «ما كان عن ظَهْرِ غِنًى» [خ¦1426] فسَّره أيوبُ في الحديثِ: «عن فَضلِ عيالٍ»؛ وبيَانُه من وراء ما يحتاج إليه العيال كالشَّيء الذي يُطرَح فيه خلف الظَّهرِ، ويفسِّرُه قوله صلعم: «ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» [خ¦1426]، ومثلُه قوله: «من دَعَا لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ» كأنَّه مِنْ وَراءِ مَعْرِفَته ومَعْرِفَة النَّاس لذلِكَ؛ لأنَّه دليلُ الإخْلاصِ له في الدُّعاء، كأنَّه من إلقاء الإنسانِ الشَّيء وراء ظَهرِه إذا ستَره عن غيرِه، وقد يكون قوله: «عن ظَهرِ غِنًى» بمعنى بيان الغنى [وما فوق الكَفافِ، ويحتاج في الصَّدقة إلى زيادة عليه وارتفاع مالٍ وزيادته عليه، وقيل: هي على ظَهْرِ غِنًى؛ أي: ما أغنيت به السَّائل] عن المَسألة، ويرُدُّ هذا قوله: «ابْدَأْ بمَنْ تَعُولُ»؛ ولأنَّه خرَج على سَببٍ: وهو أنَّ رجلاً تصدَّق بأحد ثَوبَين كانا له قد تُصدِّق بهما عليه، فنَهاه عن ذلك، وقال: «خير الصَّدقة ما كان عن ظَهْرِ غِنًى».
          وقوله: «بظَهْرِ الحَرَّةِ» [خ¦3906]؛ أي: ظاهرها، والظَّاهرُ ما ارتفع من الأرض، يريد أعلاها.
          وقوله: «بين ظَهْرَانَي جهَنَّم» [خ¦806]، كذا للعُذريِّ، ولغَيرِه: «ظَهْرَي»، ومثلُه: «بين ظهري النَّاس»، كذا رواه الباجيُّ وابنُ عتَّابٍ وبعضُ أشياخنا، وعند الجُمهورِ: «بين ظَهْرَاني» .
          وفي حديثِ الحَوضِ: «بين ظَهْرَانَي أصحابه»، وكذلك: «لأصْرُخَنَّ بها بين ظَهْرَانَيهِم» [خ¦3861]، و«بين ظَهْرَي خَيلٍ دُهْمٍ»، و«بين ظَهْرَي صِيامِها»، وعند بَعضِهم: «ظَهْرَاني».
          وفي حديث الكُسوفِ: «بين ظَهْرَي الحَجَر»، كذا للقاضي وابنِ عَتَّاب، ولغيرهما: «ظَهْرَانَي» [خ¦1015]، قال الباجيُّ: وهو المَعروفُ، وقال الأصمعيُّ وغيرُه: يقال: بين ظَهْرَيهم وظَهرَانَيهم، ومعناه: بينهم وبين أَظهُرهم، وقال غيره: العربُ تضعُ الاثنين مَوضعَ الجمعِ. /
          وقوله: «قطَعْتُم ظَهْر الرَّجُل» [خ¦2663]؛ أي: أهلكتموه بمَدحِكم كَمَنْ قُطِع نُخاعُه وقُصِم ظهرُه.
          وقوله: «جعَلْنا مكَّة بظَهْرٍ» [خ¦25/82-2596]؛ أي: من وراء ظهُورِنا.
          وقوله: «لا يزالُ منَ الله معَك ظَهِيرٌ»؛ أي: مُعين، والمُظاهَرة المُعاوَنة.
          وقوله في البُخاريِّ: «فظهَر هؤلاء الذين كان بينَهم وبين رسولِ الله صلعم عَهْدٌ، فقَنَتَ شهراً بعدَ الرُّكوعِ يَدْعُو عليهم» [خ¦4096]، كذا في جَميع النُّسخِ، ومعناه هاهنا: غلَب، ولا وَجْه له أقرَب من هذا، والأشبَه أن يكون مغيَّراً من فغَدَر أو فجر وهو أصحُّ في المعنَى، كما قال في الحديث الآخر: «غَدَرُوا بهم، فقَنَتَ شَهْراً». [خ¦3064]


[1] كذا في رواية الكُشمِيهنيِّ، وفي رواية الأصيليِّ: (سير). «الفتح». وضبطه في (ج) بالوجهين: (بِسَير) و(يَسِير).