الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير

          400- الثَّاني عشر: عن أبي إدريسَ الخَولانيِّ أنَّه سمِع حذيفةَ قال: «كان النَّاسُ يسألون رسولَ الله صلعم عنِ الخير، وكنتُ أسألُه عن الشَّرِّ مَخافةَ أن يُدرِكَني، فقلت: يا رسولَ الله؛ إنَّا كنَّا في جاهليَّةٍ وشَرٍّ، فجاءَنا الله بهذا الخيرِ، فهل بعدَ هذا الخيرِ من شَرٍّ؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشَّرِّ من خيرٍ؟ قال: نعم، وفيه دَخَنٌ(1). قلت: وما دَخَنُهُ؟ قال: قومٌ يَستنُّونَ بغير سُنَّتِي، ويهتَدونَ بغير هدْيِي تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ. فقلتُ: فهل بعدَ ذلك الخيرِ من شَرِّ؟.
          قال: نعم، دُعَاةٌ على أبوابِ جهنَّمَ، مَن أجابَهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يا رسولَ الله؛ صِفْهُم لنا، قال: نعم، هم قومٌ مِن جِلدتِنا، ويتكلَّمون بألسنتِنا. قلت: يا رسولَ الله؛ فما تَرى _وفي روايةٍ: فما تأمرُني إن أدرَكَني ذلك_ ؟ قال: تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهم. قلتُ: فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قال: فاعتَزِلْ تلكَ الفِرقَ كلَّها ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ حتَّى يدرِكَكَ الموتُ وأنت على ذلك». [خ¦3606]
          وهو في أفراد البخاريِّ مختصرٌ عن قيسِ بنِ أبي حازِمٍ عن حُذيفةَ قال: تعلَّمَ أصحابي الخيرَ وتعلَّمتُ الشَّرَّ. [خ¦3607]
          وفي أفراد مسلمٍ عن أبي سلَّامٍ عن حذيفةَ نحوُ حديثِ أبي إدريسَ الخَولانيِّ / عنه وزاد فيه: «وسيَقومُ فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشَّياطينِ في جُثْمانِ إنسٍ.
          قال: فقلت: كيف أصنَع يا رسولَ الله إن أدركتُ ذلك؟ قال: تسمَعُ وتطيعُ وإن ضُرِبَ ظهرُك وأُخِذَ مالُكَ، فاسمَعْ وأَطِعْ».


[1] وفيه دَخَنٌ: أي: كَدَر لا صفوَ فيه، وأصلُ الدَّخَن في الألوان: كُدُورةٌ إلى السواد.(ابن الصلاح) نحوه.