هداية الساري لسيرة البخاري

مقدمة المصنف

          ♫
          { رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً}
          وَهُوَ حَسْبِي وَعَوْنِي
          الحمد للهِ الَّذي له الحَمْدُ في الأُولَى وَالآخِرَة، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً وُجُوهُ قَائِلِيهَا نَاضِرَة، إلى رَبِّهَا نَاظِرَة، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ وَرَسُولُهُ، المَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ بَاطِنَةً وَظَاهِرَة، صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولي المَنَاقِبِ البَاهِرَة، وَالآثَارِ الزَّاهِرَة.
          أَمَّا بَعْدُ:
          فَهَذِهِ نُبْذَةٌ مِنْ أَخْبَارِ الإِمَامِ أبي عَبدِ اللهِ البُخَارِيِّ، مُنَبِّهَةٌ عَلَى قَدْرِهِ وَتَفْخِيمِ أَمْرِهِ، وَإِنْ كان أَمْرُهُ شَهِيرًا وَقَدْرُهُ أَثِيرًا، لَكِنَّ في المُفَصَّلِ مَا لَيسَ في الجُمْلَةِ، وَقَدْ أَوْرَدْتُهَا مُخْتَصَرَةَ الإِسْنَادِ غَالبًا.
          وَأَكْثَرُ ما أَوْرَدْتُهُ فمِنْ كِتَابِ «شَمَائِلِ البُخَارِيِّ» تَأْلِيفِ وَرَّاقِه الإِمَامِ أبي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أبي حَاتِمٍ البُخَارِيِّ.
          وَقَدْ أَخْبَرَنِي بِجَمِيعِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ إِذْنًا مُشَافَهَةً / [عَن كِتابِ سُلَيمانَ بنِ حَمْزةَ](1) عَن عَبدِ العَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَاقَا، عَن أَبي زُرْعَةَ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، عَن أَبي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الشِّيرَازِيِّ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبدِ اللهِ ابْنُ مَهْرَوَيْه؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الفَـِرَبْرِيُّ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ.
          وَهُوَ جُزْءٌ ضَخْمٌ.
          وَأَوْرَدْتُ كَثِيرًا مِنْ «كِتَابِ نَيْسَابُورَ» لِلْحَاكِمِ [أَبي عَبدِ اللهِ](2) ، وَمِنْ «كِتَابِ بَغْدَادَ» لِلْخَطِيبِ، وَمِنْ «كِتَابِ دِمَشْقَ» لابْنِ عَسَاكِرَ، وَمِنْ غَيْرِ هَذِهِ الكُتُبِ.
          فَمَا قُلْتُ فيهِ: (قَالَ فُلَانٌ) بِصِيغَةِ الجَزْمِ؛ فَهُوَ مِمـَّا لَا أَعْلَمُ بِالإِسْنَادِ إِلى قَائِلِهِ [مَقَالًا](3) .
          وَرُبَّمَا أَسْنَدْتُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَاللهُ المُوَفِّقُ. /


[1] في الأصل بَدلَ ما بين المعقَّفتين: [عن عَلِيٍّ...] وبعده بياضٌ بقدر كلمتين، وهو تحريف، والصواب ما أثبتناه موافقاً لسِياق المؤلف لإسنادِه إلى الكتاب المذكور في تغليق التعليق: 5/386.
[2] وفي هَامِشِ الأصل: (اّْسْمُ العَطَّارِ بِلُغَةِ بُخَارَى)، وهذا التفسير غير منقولٍ في مصادر ترجمة الإمام البخاري، وإنما اكتفى الناسُ بما نقله الخطيبُ البغداديُّ في تاريخ بغداد _2/6_ عن بَكْر بن مُنِيْر البخاريِّ أنَّ معنى «بَرْدِزْبَه» هو: الزَّرَّاع بلغة أهل بخارى، ولم يَحكُوا غيرَه اعتماداً على معرفة بَكْرٍ، ونقَلَ العلَّامة ابنُ المُلَقِّن في «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» _2/46_ عن ابن دِحْيَةَ؛ أنه قال: (قال لي أهلُ خُراسانَ بعدَ أنْ لم يَعْرِفوا مَعْنى هذه اللفظةِ: يُقالُ للفَلَّاحين بالفارسية: بِرْزِگر _بباءٍ موحَّدةٍ ثُمَّ راءٍ ساكنةٍ ثُمَّ زايٍ مكسورةٍ ثمَّ كافٍ غير صافيةٍ ثمَّ راءٍ ساكنة_ وهو لقبٌ لكلِّ مَن سَكَن الباديَةَ، زَرَّاعاً كان أو غَيرَه) ا هـ.
[3] بياضٌ في الأصل بقدر كلمة، والمثبَتُ _أو ما يماثله في المعنى مثل: ضَعْفاً، مَطْعَناً_ أَليَق بالسِّياق، والله أعلم.