إرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري

حديث: أول ما بدئ به رسول الله

          1- حَدِيثُهُ صلعم: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلعم مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّومِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ(1) / ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً، فَيَتَحَنَّثُ(2) فِيهِ _وَهُوَ التَّعَبُّدُ_ اللَّيالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ(3)، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ(4) فِيهِ، فَقَالَ: اِقْرَأْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اِقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اِقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقارِئٍ، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ...} حَتَّى بَلَغَ {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1_5]»، فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ(5) بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوعُ، فَقَالَ: «يَا خَدِيجَةُ؛ مَا لِي؟» وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وَقَالَ: «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ لَهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا(6)، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْريَّ، فَكَتَبَ بِالعِبْريَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّ؛ اِسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: ابْنَ أَخِي؛ مَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صلعم مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيتَنِي فِيهَا جَذَعًا(7) أَكُونُ حَيًّا(8) حِينَ يُخْرِجُكَ قَومُكَ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلعم: «أَوَمُخْرِجِيَّ(9) هُمْ؟!» فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ(10) إِلَّا عُودِيَ، فَإِنْ يُدْرِكْنِي يَومُكَ؛ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا(11)، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً(12) حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صلعم _فِيمَا بَلَغَنَا_ حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَي يَتَرَدَّى مِنْ رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ(13) لِكَي يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْهُ؛ تَبَدَّى لَهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ إِنَّكَ رَسُولُ اللهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ / لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ؛ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ(14)؛ تَبَدَّى لَهُ جَبْرَئِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. [خ¦4953] [خ¦6982]


[1] في هامش (ب): (أي: الضياء)، و(ثمَّ خلا).
[2] في هامش (ب): (أي المراد: الخلوة إزالة السيِّئات).
[3] في هامش (ب): (قبل أن ينزع إلى أهله؛ يعني: يرجع [إلى] أهله).
[4] في هامش (ب): (والمراد: جبريل ◙).
[5] في هامش (ب): (يرجف فؤاده).
[6] في هامش (ب): (أخي أبيها).
[7] في هامش (ب): (جذعًا: ثلاث لغات؛ بالفتح والضم والكسر).
[8] في هامش (ب): (أي: موجودًا).
[9] في هامش (ب): (أي: الاستفهام).
[10] في هامش (ب): (بمثل [ما] جئت به).
[11] في هامش (ب): («مؤزَّرًا»: قويًّا، [كما] في قوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي}[طه: 31]).
[12] في هامش (ب): (أي: مكث الوحي سنتين ونصف سنة).
[13] في هامش (ب): (أي: ارتفاعه).
[14] في هامش (ب): (أي: ارتفاعه).