الأجوبة المستوعبة عن المسائل المستغربة

حديث ابن عباس في صلاة الليل

          الحديث الثاني عشر(1) : حديث ابن عبَّاسٍ؛ إذْ باتَ عِنْدَ مَيْمُوْنَةَ، / فقامَ رسولُ اللهِ صلعم فَصَلَّى، فَذَكَرَ ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، قلتَ: وروت عائشة إحدى عشرة ركعةً، فيها الوتر وركعتا الفجر، وسألتَ التعريف بالصحيح من هذا.
          فالجواب أنَّها آثار ثابتةٌ كلُّها من جهة النقل، نقلها مالك وغيره من الثقات، وليس منها شيء متعارض، ولا يخلو الأمر فيها من أحد وجهين؛ إمَّا أن تكون الركعتان الزائدتان على الإحدى عشرة ركعتي الفجر على ما في حديث عائشة، فيكون حديث عائشة مفسِّرًا لما أجمله ابن عبَّاس، وتكون(2) الزيادة على ذلك مقبولة، كما يقبل الأثر المنفرد، وإمَّا أن يكون رسول الله صلعم صلَّى ثلاث عشرة ركعة مرَّة وإحدى عشرة مرَّة، وكان يصلِّي كذا كذا أبدًا، فيكون ذلك دليلًا على ما عليه جماعة الفقهاء من أنَّ صلاة الليل ليست مقدَّرةً محدودةً بعددٍ معلومٍ، وأنَّ للمرء أن يزيد فيها وينقص، والصَّلاة كما قال رسول الله صلعم في حديث أبي ذرٍّ: «خيرُ موضوعٍ، فمن شاء استكثر، ومن شاء استقلَّ»(3)، وكذلك أعمالُ البرِّ كلُّها.
          وأيُّ الأمرين / كان فليس فيه حكم، وإنَّما هي إباحة وفعل خير.
          وفي أحاديث عائشة ♦ في صلاة اللَّيل للنقلة من الحجازيين والعراقيين اختلاف واضطراب، وللعلماء فيها مذاهب.
          وكلُّ حديث لها في ذلك ليس فيه جلوس في اثنتين ولا سلام، فهو مجمل يقصر عن حديث ابن عمر عن النَّبيِّ صلعم: «صلاة اللَّيل مثنى مثنى»، وقوله: «مثنى» يقتضي الجلوس والسَّلام في كلِّ ركعتين إن شاء الله تعالى، وبه التوفيق.


[1] هكذا في الأصل، ولم يذكر الحديث الحادي عشر.
[2] في الأصل: (ويكون).
[3] أخرجه أحمد في مسنده [5/179] والطبراني في «مسند الشاميين» الحديث: 1979.