المتواري على أبواب البخاري

باب صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً

          ░5▒ باب صلاة الطَّالب والمطلوب راكباً وإيماءً
          وقال الوليد: «ذكرتُ للأوزاعيِّ صلاة شُرَحْبيل بن السِّمْط وأصحابه على ظهر الدَّابَّة، قال: كذلك الأمر عندنا إذا تخوَّفنا(1) الفوت»، واحتجَّ الوليد بقول النِّبيِّ صلعم : «لا يُصلِّينَّ(2) أحدٌ العصر إلَّا في بني قُرَيظة».
          88- فيه ابن عمر: قال النَّبيُّ صلعم لمَّا رجع من الأحزاب: «لا يُصلِّينَّ أحدٌ العصر إلَّا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطَّريق، وقال بعضهم: لا نُصلِّي حتَّى نأتيها، وقال بعضهم: نصلِّي، لم يُرَدْ منَّا ذلك، فذُكِرَ (ذلك)(3) للنَّبيِّ صلعم فلم يُعنِّف واحداً(4) منهم». [خ¦946].
          [قلتَ رضي الله عنك:] إن قلتَ: أشكل عليَّ وجهُ الاستدلال بحديث [ابن] عمر، فليس فيه إلَّا أنَّ إحدى الطَّوائف صلَّت ولم يبيِّن ركباناً أو نزلوا، فكيف يطابق إطلاق الحديث خصوص التَّرجمة حتَّى يستتبَّ(5)؟ قلتُ: أشكل [ذلك] على ابن بطَّالٍ، فقدَّر الاستدلال بالقياس، فقال: «موضع المطابقة من تأخير / إحدى الطَّائفتين للصَّلاة إلى أن غابت الشَّمس ووصلوا بني قريظة، فلمَّا جاز لها أن تؤخَّر عن الوقت والصَّلاة في الوقت مفترضةٌ، فكذلك يجوز ترك إتمام الأركان والانتقال إلى الإيماء»، انتهى كلامه.
          والأبين عندي _والله أعلم_ على غير ذلك، فإنَّما استدلَّ البخاريُّ بالطائفة التي صلَّت، فظهر له أنَّها لم تَنْزل؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم إنَّما أمرهم بالاستعجال إلى بني قريظة، والنُّزول ينافي مقصود الجدِّ في الوصول، فمنهم من بنى على أنَّ النُّزول للصَّلاة معصيةٌ للأمر الخاصِّ بالجدِّ فتركها إلى أن فات وقتها لوجود العارض(6)، ومنهم من جمع بين دليلي وجوب الصَّلاة ووجوب الإسراع في هذا السَّير فصلَّى راكباً، ولو فرضناها صلَّت نازلةً لكان ذلك مُضادَّةً لما أَمَر به صلعم ، وهذا لا يُظنُّ بأحدٍ من الصَّحابة على تقوي(7) أفهامهم وحسن اقتدائهم(8).
          وأمَّا صلاة المطلوب فمأخوذةٌ(9) بالقياس على الطَّالب بطريق الأولى، والله أعلم.


[1] في (ت) و(ع): «تخوفت».
[2] في (ع): «لا يصلي».
[3] ليست في (ت).
[4] في (ت): «واحدٌ».
[5] غير واضحة في (ز).
[6] في (ت) و(ع): «المعارضين».
[7] في (ت) و(ع): «قوة».
[8] في (ت) و(ع) زيادة: «والله أعلم».
[9] في (ت) و(ع): «فمأخوذ».