روح التوشيح على الجامع الصحيح

باب قول النبي: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه

          ░32▒ [بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ).]
          (وَسُنَّتِهِ): أي: طريقتهِ، فحاصل كلامهم بمسألة تعذيب ميِّتٍ ببكاء أهلهِ عليه: هل هو على ظاهرهِ، أو لا مطلقًا أو واوه للحال؛ أي: مبتدأ عذابه يثبتُ عند بكاء أهله عليه؛ لأنَّه إنَّما يقعُ غالبًا عند دفنه، وبتلك الحال يُسأل ويبتدأ عذابَ قبره.
          فمعناه: أنَّه يُعذَّب حالَ بكائه عليه، فلا يلزم منه أن يكون البكاء سبب تعذيبهِ، أو ورد هذا في ميِّتٍ خاصٍّ فبما يأتي لعائشة: إنَّما مرَّ على يهوديَّة / ...إلخ، أو عامٌ بكلِّ كافرٍ فلا يعذَّب مؤمنٌ بذنب غيره أصلًا، فيأتي لعائشة أيضًا.
          أو هو بمن كان النُّوح من سنَّته وطريقهِ، وعليه ((خ)) أو من أوصى به فقط، أو من لم يوص بتركهِ، فتجب الوصيَّة به على من علم من شأن أهلهِ فعله، أو يعذَّب بصفاتِ بُكائها عليه إن ذمَّت شرعًا كقولهم جاهليَّةً: يا مرمِّل النِّسوان، يا ميتِّم الأولاد، يا مخرِّب الدُّور، أو عذابه توبيخ الملائكة له بما يندبه أهله به، فبكـ((ت)): (ما من ميِّتٍ يموتُ فتقوم نادبته تقول: واجبلاهُ واسنداهُ، ومثله من القول إلَّا وكَّل الله به ملكين يدفعانهِ بعنفٍ، يقولان أهكذا كنت) أو تألمه بما يقعُ من أهله لما بكالطَّبراني: (أيغلبُ أحدكُم أن يُصاحب صُويحبه في الدُّنيا معروفًا، فإذا مات استرجعَ، فوالَّذي نفسُ محمَّدٍ بيده إنَّ أحدكم ليبكِي فيستغفر إليه صويحبه، فيا عبادَ الله لا تعذِّبوا مَوْتاكم).