الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس

          4112- (حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ): تقدَّمَ في (المواقيتِ) [خ¦594]، وقال ابنُ مالكٍ: (وقع خبر «كاد» مقرونًا بـ«أَنْ»، وهو صحيحٌ، لكنَّ وقوعه غيرَ مقرونٍ بـ«أَنْ» أكثرُ وأشهرُ؛ ولذلك لم يقعْ في القرآنِ إلَّا غيرَ مقرونٍ بها.
          والسببُ المانعُ مِنَ الاقترانِ في بابِ المقاربةِ: هوَ دلالةُ الفعلِ على الشُّروعِ؛ كـ«طَفِقَ» و«جَعَلَ»، فإنَّ «أَنْ» تقتضي الاستقبالَ، وفعلُ الشُّروعِ يقتضي الحالَ، فتنافَيَا.
          وما لا يدُلُّ على الشُّروعِ كـ«عَسَى» و«أَوشَكَ» و«كَرَبَ» و«كادَ»؛ فمُقتضاهُ مُستقبلٌ، فاقترانُ خبرِه بـ«أَنْ» مؤكِّدٌ لمقتضاهُ، فإذا انضمَّ إلى هذا التعليلِ استعمالٌ فصيحٌ، ونقلٌ صحيحٌ، كما في الحديثِ المذكورِ، وغيرِه مِنْ قولِ أنسٍ: «فما كِدنا أن نَصِلَ إلى منازِلِنا»، وبعضِ الصحابةِ: «قدْ كادتْ أَنْ تَنْضَجَ»، وقال جُبيرٌ: «كادَ قلبي أَنْ يَطِيرَ» فتأكيدٌ بالدليلِ على الجوازِ، ولم يُوجَدْ لمخالفتِهِ سبيلٌ. /
          وقدِ اجتمعَ الوجهانِ في قولِ عمرَ ☺: «ما كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ العصرَ حتَّى كادتِ الشمسُ تَغرُبُ»).