الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث علي: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار

          3094- (يَا مَالُِ): منادًى مُرَخَّم، وفي لامِه الكسرُ والضمُّ، فمَن كسرَها تركَها على ما يأتي، ومَن ضمَّها جعلَها اسمًا مستقِلًّا.
          (تَيْدَكُمْ): بفتحِ الدالِ على المصدرِ، وعندَ بعضِ الرُّواةِ: برفعِ الدالِ.
          قوله: (لَا نُورَثُ): أصلُه: (لا يُورَثُ مِنَّا)، فحُذِفَ (مِن)، فاستترَ ضميرُ المتكلِّمِ في الفعل، فانقلبَ الفعلُ عن لفظِ الغائبِ إلى لفظِ المتكلِّم؛ كما في قولِه تعالى: / {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ} [الكهف:60] في وجهٍ، وقولِه تعالى: {نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ} [يوسف:12]، أي: يبرح مسيري، وترتع إِبِلُنا، فلمَّا حُذِفَ المضافُ، وأُقيمَ المضافُ إليه مُقامَه انقلبَ الفعلُ مِنَ الغَيبةِ إلى التكلُّمِ.
          (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): (مَا) بمعنى: الذي، مبتدأٌ، و(تَرَكْنَا): صلةٌ له، والعائدُ محذوفٌ، أي: ما تركناهُ، و(صَدَقَةٌ): مرفوعٌ لا غير، خبرُ (الذي)، هذا هو الأجودُ، ولموافقتِه لروايةِ: (فَهوَ صَدَقَةٌ) [خ¦3712]، وذهبَ النَّحَّاسُ إلى أنَّه يصحُّ نصبُه على الحال، واستنكرَهُ القاضي؛ لتأييدِهِ مذهبَ الشِّيعةِ، لكنَّ ابنَ مالكٍ قدَّرَه: ما تركنا مبذولٌ صدقةً، فحُذِفَ الخبرُ، وبقي الحالُ كالعِوَضِ عنه، ونظيرُه قراءةُ بعضِهِم: ▬وَنَحْنُ عُصْبَةً↨ [يوسف:8].
          «الكشَّاف»: («ما تركنا صدقةٌ»: جملةٌ مستأنَفةٌ؛ كأنَّه لمَّا قيل: «ما نُورَثُ» / فقيل(1): ما تفعلون بتَرِكَتِكُم؟ فأُجيب: ما تركناهُ صدقةٌ).
          (إِنَّهُ فِيْهَا لَصَادِقٌ): بكسرِ الهمزةِ؛ لأنَّ اللَّامَ في الخبرِ.


[1] في (ب): (قيل).