الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرةً في رمضان حجة

          1782- (أَنْ تَحُجِّي): في بعضِها: (تَحُجِّينَ) بالنُّونِ، وإنَّما لم تُحذَفِ النُّونُ؛ لأنَّ (أَنْ) كثيرًا تُستعملُ بدونِ النَّصبِ، كقولِه تعالى: ▬إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوْ الَّذِي بِيَدِهْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ↨ [البقرة:237] على قراءةِ مَنْ قَرَأَ بسكونِ الواوِ مِن ▬يَعْفُوْ↨، [و]كقولِه: ▬أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ↨ [البقرة:233] بالرفعِ على قراءةِ مجاهدٍ، انتهى. /
          تنبيهٌ: قولُه صلعم: «أَنْ تَحْثِيْ عَلَى رَأْسِكِ» هو بإسكانِ الياءِ؛ لأنَّه خطابٌ للمؤنَّثِ، فنصبُه بحذفِ النُّونِ؛ إذ أصلُه: تحثين؛ حُذفتْ نونُه بـــ(أن) الناصبةِ للمضارعِ، ولا يجوزُ فيه(1) فتحُ الياءِ، قالَه الأشرفُ.
          إشارةٌ: قَرَأَ(2) مُجَاهدٌ _ويُرْوَى عنِ ابنِ عبَّاسٍ_ برفعِ ▬يُتِمُّ↨، وعَزَاها ابنُ هشامٍ إلى ابنِ مُحيصِنٍ، وفيها قولانِ:
          أحدُهما: قولُ البصريِّينَ: إنَّها «أَنْ» النَّاصبةُ، أُهْمِلَتْ حَمْلًا على (ما) لاشتراكِهما في المَصْدريَّة، وأنشدوا:
يَا صَاحِبَيَّ فَدَتْ نَفْسِي نُفُوسَكُمَا                     وَحَيْثُ مَا كُنْتُمَا لَقِيتُمَا رَشَدَا
أَنْ تَقْرَأَانِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا                     مِنِّي السَّلَامَ وَأَلَّا تُشْعِرَا أَحَدَا
          فأَهملَها؛ ولذلك ثبتَتْ نونُ الرَّفعِ، وأَبَوا أنْ يَجعلُوها المخفَّفةَ مِنَ الثَّقيلةِ؛ لوجهينِ: أحدُهما: أنَّه لم يُفْصَلْ بينها وبين الجملةِ الفعليَّةِ، الثَّاني: أنَّ ما قبلَها ليس بفعلِ علمٍ ويقينٍ.
          الثَّاني: وهو قولُ الكوفيِّينَ: إنَّها المخفَّفةُ مِنَ الثَّقيلةِ، وشذَّ وُقوعُها موقعَ النَّاصبةِ؛ كما شذَّ وُقوعُ (أَنْ) النَّاصبةِ موقِعَها في قوله: [من البسيط]
............... قَدْ عَلِمُوا                     أَنْ لَا يُدَانِينَا فِي خَلْقِهِ أَحَدُ /
          إشارةٌ: الأمثلةُ الخمسةُ: وهيَ كلُّ فعلٍ مضارعٍ اتَّصلتْ به ألفُ اثنينِ(3) نحو: (تَفْعَلَانِ)، و(يَفْعَلَانِ)، أو واوُ جَمْعٍ، نحو: (تَفْعَلُونَ)، و(يَفْعَلُونَ)، أو ياءُ(4) مخاطبةٍ، نحو: (تَفْعَلِينَ)، فإنَّ رفعَها بثبوتِ النُّونِ _هذا مذهبُ الجمهورِ، وذهبَ الأخفشُ والسُّهيليُّ وابنُ دُرُسْتُويهِ إلى أنَّ هذه النُّونَ ليستْ إعرابًا، وإنَّما هيَ دليلُ إعرابٍ، والإعرابُ مقدَّرٌ قبلَ الضَّمائرِ تعذُّرًا؛ كما تعذَّرَ الإعرابُ قبلَ ياءِ المتكلِّمِ في نحوِ: (غُلامي)، وقيلَ: مُعرَبٌ بهذِه الأحرفِ؛ الألف، والواو، والياء؛ فهيَ تُعطي شيئينِ: الفاعليَّةَ والإعرابَ_ وجَرُّها ونصبُها بحذفِها، نحو: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ} [البقرة:24]، وأمَّا {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} [البقرة:237]؛ فالواوُ لامُ الفعلِ، والنُّونُ ضميرُ النِّسوةِ، والفعلُ مبنيٌّ؛ مثلُ: {يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة:228]، ووزنه: (يَفْعُلْنَ) بخلافِ قولِكَ: (الرِّجَالُ يَعْفُونَ)، فالواوُ ضميرُ المذكَّرِينَ(5)، والنُّونُ علامةُ رفعٍ(6) فتُحذَفُ للجازمِ والنَّاصبِ(7) نحو: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة:237]، ووزنه: تَفْعُوا، وأصلُه: تَعْفُوُوا.[53أ] /
          وقرأَ الحسنُ بسكونِ واوِ ▬يَعْفُوْ↨.
          (فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ): (كَانَ) تامَّةٌ، و(رَمَضَانُ) مرفوعٌ.


[1] (فيه): ليست في (ب).
[2] في (ب): (قراءة).
[3] في (ب): (الاثنين).
[4] في (ب): (تاء)، وهو خطأ.
[5] في (ب): (المذكورين).
[6] في (ب): (الرفع).
[7] في (ب): (والنصب).