الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

          ░13▒ (الْقَادِمِينَ): بالجمعِ صفةٌ لـــ(الْحَاجِّ) لأنَّ (الْحَاجَِّ) في معنى الجمعِ، كقولِه تعالى: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون:67].
          ولفظُ (وَالثَّلَاثَةِ) عطفٌ على (الاِسْتِقْبَالِ).
          وفي بعضِها: (الْغُلَامَيْنِ)، وتوجيهُه مع إشكالِه: أنْ يُقرأَ (الحَاجَّ) بالنَّصبِ، ويكونَ (الاسْتِقْبَالُ) مضافًا إلى (الْغُلَامَيْنِ) نحو قولِه تعالى: {قَتْلُ أَوْلاَدِهُمْ شُرَكَآؤِهِمْ} [الأنعام:137] بنصبِ {أَوْلاَدِهُمْ}، وجرِّ (الشُّرَكَاءِ)(1)، أو(2) يكونَ (الاسْتِقْبَالُ) مضافًا إلى (الْحَاجِّ)، و(الْغُلَامَيْنِ) مفعولٌ.
          فإنْ قلتَ: لفظُ (استقبله) يُفيدُ عكسَ ذلك [الاستقبالِ]؟
          قلتُ: الاستقبالُ إنَّما هوَ مِنَ الطَّرفينِ، انتهى كلامُ الكِرمانيِّ. /
          إشارةٌ: قرأَ ابنُ عامرٍ: [{زُيِّنَ}] بضمِّ الزاي(3) وكسرِ الياء {قَتْلُ} برفع اللَّام {أَوْلاَدَهُمْ} بنصب الدَّال {شُرَكَآئِهِمْ} بخفضِ الهمزةِ، والباقونَ: بفتحِ الزاي والياءِ، ونصبِ اللَّامِ، وخفضِ الدَّال، ورفعِ الهمزةِ، وقد تجرَّأَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ على قارِئِها بما لا ينبغي، وهو أعلى القُرَّاءِ السَّبعةِ سَنَدًا، وأقدمُهُم هِجرَةً.
          أمَّا علوُّ سَنَدِه فقد قرأَ على أبي الدَّرداءِ _وقال الذَّهبيُّ: (قيلَ: قرأَ على أبي الدَّرداءِ، وهو بعيدٌ، وأبعدُ منه قولُ مَنْ قالَ: قرأَ على عثمانَ نفسِه) انتهى_ وواثلةَ ابنِ الأسْقَعِ، وفَضالةَ بنِ عُبيدٍ، ومعاويةَ بنِ أبي سفيانَ، والمغيرةِ المخزوميِّ.
          وأمَّا قِدَمُ هجرتِه فإنَّه وُلِدَ في حياةِ رسولِ اللهِ صلعم، وناهِيكَ به أنَّ هشامَ ابنَ عمَّارٍ أحدَ شيوخِ البخاريِّ أخذَ عن أصحابِ أصحابِه، وترجمتُه متَّسِعةٌ، وقد أطالَ السَّمينُ الكلامَ على هذا المكانِ؛ فانظرْهُ.
          وقال ابنُ هشامٍ: (زعمَ كثيرٌ مِنَ النَّحْويِّينَ أنَّه لا يُفصَلُ بينَ المتضايفينِ إلَّا في الشِّعرِ، والحقُّ أنَّ مسائلَ الفصلِ سَبْعٌ؛ ثلاثٌ جائزةٌ في السَّعَةِ، إحداها: أنْ يكونَ المضافُ مَصْدرًا، والمضافُ إليه فاعلَه، والفاصلُ إمَّا مفعوله كقراءةِ ابنِ عامرٍ...) إلى / آخرِ كلامِه(4)، وسيأتي برُمَّتِه في (الفضائل) [خ¦3661].


[1] وهي قراءة ابن عامر كما سيأتي. انظر: «السبعة» (ص270)، «الحجَّة» (3/409)، «حجة القراءات» (ص273)، «النشر» (2/195_197)، وزيد في (ب): (ويكون الاستقبال مضافًا إلى الشركاء)، ولا يصحُّ، وضرب عليه في (أ).
[2] في النسختين: (و).
[3] في (ب): (الزاء)، وكذا في الموضع اللاحق.
[4] «أوضح المسالك» (3/158_174)، وقوله: (إلى آخر كلامه) سقط من (ب).