الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث ابن عمر: أربع إحداهن في رجب

          1775- 1776- (أَرْبَعٌ): وفي بعضِها: (أَرْبَعًا)، قال المالكيُّ: (الأكثرُ في جوابِ الاستفهامِ بأسمائِه مطابقةُ اللَّفظِ والمعنى، وقد يُكتفى بالمعنى في الكلامِ الفصيحِ، فمِنْ مطابقةِ اللَّفظِ والمعنى قولُه تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى. قَالَ هِيَ عَصَايَ} [طه:17_18].
          ومِنَ الاكتفاءِ بالمعنى قولُه صلعم: «أَرْبَعِينَ يَوْمًا» حِينَ قِيلَ لَهُ: «وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟»، فأُضْمِرَ «يَلْبَثُ»، ونُصِبَ به «أَرْبَعِينَ»، ولو قُصِدَ تكميلُ المطابقةِ لقالَ: «أربعونَ»؛ لأنَّ الاسمَ المستفهمَ به في موضعِ الرَّفعِ، فالنَّصبُ(1) والرَّفعُ في لفظِ «أربع» جائزانِ، إلَّا أنَّ النَّصبَ أقيسُ، وأكثرُ نظائرَ. /
          ويجوزُ أنْ يكونَ كُتِبَ على اللُّغةِ الرَّبَعيَّةِ(2)، وهو في اللَّفظِ منصوبٌ، وأنْ يكونَ المكتوبُ بدونِ الألفِ منصوبًا غيرَ منوَّنٍ، على نِيَّةِ الإضافةِ؛ كأنَّه قال: أربعَ عُمَرٍ، فحُذِفَ المضافُ إليه، وتُرِكَ المضافُ على ما كانَ عليه مِنْ حذفِ التَّنوينِ؛ لِيُسْتَدَلَّ بذلِكَ على الإضافةِ، وله نظائرُ: منها: قراءةُ ابنِ مُحيصِنٍ: ▬لَا خَوْفُ عَلَيْهِمْ↨ [البقرة:38] بضمِّ الفاءِ دونَ تنوينٍ على تقدير: لا خوفُ شيءٍ عليهم.
          ومنها: ما رَوى بعضُ الثِّقاتِ مِنْ قولِ العربِ: «سلامُ عليكم» بضمِّ الميمِ دونَ تنوينٍ.
          ومنها على أصحِّ المذهبينِ: [من السريع]
........................                     سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ!
          أراد: سبحانَ اللهِ! فحَذَفَ المضافَ إليه، وتَرَكَ المضافَ على ما كانَ عليه) انتهى.
          وقال غيرُه: أمَّا الرَّفعُ فعلى أنَّه خبرُ مبتدأٍ(3) تقديرُه: عُمَرُهُ أربعٌ، والنَّصبُ، أي: / اعْتَمَرَ أربعًا.


[1] في (ب): (والنصب).
[2] في النسختين: (الربيعة)، والنسبةُ إلى ربيعة (ربَعي) بإسقاط الياء، وينظر الحديث (1153).
[3] زيد في (ب): (محذوف).