الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرةً فليفعل

          1560- (وَمَنْ كَانَ...) إلى قوله: (فَالْآخِذُ): إمَّا (كَانَ) تامَّةٌ، وإمَّا مبتدأٌ خبرُه (مِنْ أَصْحَابِهِ)، أي: فالآخذُ بعضُ أصحابِه، وكذا (التَّارِكُ).
          (حَتَّى تَأْتِيَانِ): كذا في أصلِنا المصريِّ، وهو لغةٌ معروفةٌ، قالَ الشَّاعرُ: [من البسيط]
أَنْ تَقْرَأَانِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا                     مِنِّي السَّلَامَ وَأَنْ لَا تُشْعِرَا(1) أَحَدَا /
          وقال الكِرمانيُّ: (بنونِ الوِقايةِ، وحَذْفِ ياءِ المتكلِّمِ، والاكتفاءِ بالكسرِ عنها).[50أ]
          (بِسَحَرَ): قال الكِرمانيُّ: («بِسَحَرَ» بفتحِ الرَّاءِ بدونِ التَّنوينِ، وبجرِّها معَ التَّنوينِ، فإذا أردتَ به سَحَرَ ليلتِك لم تصْرِفْه؛ لأنَّه معدولٌ عنِ «السَّحَرِ»، وإنْ أردتَ نكرةً صِرْفَةً فهو منصرفٌ، والأوَّلُ هو الأَولى) انتهى.
          وقال ابنُ مالكٍ:
وَالْعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ مَانِعَا (سَحَرْ)                     إِذَا بِهِ التَّعْيِينُ قَصْدًا يُعْتَبَرْ
          قال بعضُ الشُّرَّاحِ: («سَحَرُ» إذا أُرِيدَ به سَحَر يومٍ بعينِه، واستُعمل ظرفًا مجرَّدًا من «أل» والإضافةِ؛ كـــ«جئتُ يومَ الجمُعةِ سَحَرَ»؛ فإنَّه مَعْرِفةٌ مَعْدولةٌ عنِ «السَّحَر»، وقال صدرُ الأفاضل: «مبنيٌّ؛ لتضمُّنِه معنى اللَّامِ». /
          واحتُرِزَ بالقيدِ الأوَّل: مِنَ(2) المبهَم، نحو: {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} [القمر:34]، وبالثَّاني: مِنَ المعيَّنِ المستعملِ غيرَ ظرْفٍ؛ فإنَّه يجبُ تعريفُه بـــ«أل» أوِ(3) الإضافة، نحو: «طَابَ السَّحَرُ سَحَرُ لَيْلَتِنَا»، وبالثَّالث: مِنْ نحو: «جِئتُكَ يومَ الجمعةِ السَّحرَ أو سحَرَهُ») انتهى.
          وقال الزَّركشيُّ: (بفتح الرَّاء، أي: من ذلك اليوم، فلا ينصرف؛ للعلميَّة والعَدْل، نحو: جئتُه يومَ الجمُعة سَحَرَ).
          وقال الجوهريُّ: (تقولُ: «لقيتُه سَحَرَنا هذا» [إذا] أردتَ به سَحَرَ ليلتِكَ لم تصْرِفْه؛ لأنَّه معدولٌ عنِ الألفِ واللَّامِ، وهو معرفةٌ، وقد(4) غَلَبَ عليه التَّعريفُ بغيرِ إضافةٍ، ولا ألفٍ ولامٍ؛ كَما غَلَبَ «ابنُ الزُّبيرِ» على واحدٍ مِنْ بَنِيهِ، وتقولُ: / «سِيْرَ على فرسِكَ سَحَرَ يا فتى»، فلا ترفعه؛ لأنَّه ظرفٌ غيرُ متمكِّنٍ، وإنْ(5) أردتَ بـــ«سَحَر» نكرةً صرفتَهُ؛ كما قال تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} [القمر:34].
          فإنْ سمَّيتَ به رجلًا، أو صغَّرتَه انصرفَ؛ لأنَّه ليسَ على وزنِ المعدولِ كـــ«أُخَر»، تقول: «سِيْرَ على فرسِكَ سُحَيْرًا»، وإنَّما لم ترفعْه، لأنَّ التَّصغيرَ لم يُدْخِلْه في الظُّروفِ المتمكِّنةِ كما أَدخلَه في الأسماءِ المنصرفةِ(6)) انتهى.


[1] في (ب): (تشعر).
[2] في (ب): (عن).
[3] في (ب): (و).
[4] في (ب): (قد).
[5] في (ب): (فإن).
[6] في (ب): (المتمكِّنة).