الصحيح من الأخبار المجتمع على صحته

حديث: الله أكبر خربت خيبر

          968- وعن عبد العزيزِ بن صُهيبٍ، عن أنسِ بن مالك ☺ (1): أنَّ رسولَ اللهِ صلعم غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا(2) صَلَاةَ الغَدَاةِ بِغَلَسٍ. قالَ: فَرَكِبَ(3) رَسُولُ اللهِ صلعم، ورَكِبَ أَبو طَلْحَةَ وَأَنَا رِدْفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى رَسُولُ اللهِ صلعم فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتَيَّ لَتَمَسُّ فَخِذَي(4) رسولِ اللهِ صلعم، وإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِيهِ(5)، فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلعم القَرْيَةَ قالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا / نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ».
          قال: وَقَدْ خَرَجَ القَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، فقالوا: مُحَمَّدٌ، مُحَمَّدٌ وَالخُميسُ _وَالخُميسُ الجيشُ_ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، فَجُمِعَ(6) السَّبْيُ، فَجَاءَ دِحْيَةُ فقالَ: يَا نَبِيَّ(7) اللهِ، أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ. فقال: «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً»، فَأَخَذَ صَفِيَّةَ(8) بِنْتَ حُيَيٍّ. فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى نبِيِّ الله صلعم فقال: يَا نبيَّ اللهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ(9)، مَا تَصْلُحُ إِلا لَكَ. قال ادْعُوهُ، فجيءَ بِهَا(10)، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا رسُولُ اللهِ صلعم قالَ: «خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا». قالَ: وإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صلعم أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. فقال لَهُ ثابتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا أَصْدَقَهَا؟ قالَ: نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا، حَتَّى إِذَا كنَّا بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَأَهْدَتْهَا إِليهِ مِنَ اللَّيْلِ، فأَصْبَحَ رسُولُ اللهِ عَرُوسًا فقال: «مَنْ أصبح عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ(11)»، قالَ: وَبَسَطَ نِطَعًا، قالَ: فجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بالسُّويقِ، وجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ، وجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالأَقِطِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ، فَحَاسُوا حَيْسًا، فَكَانَتْ(12) وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ صلعم. [خ¦371]


[1] قوله: «بن مالك» ليس في (ح) و(د).
[2] في (ح) و(د): «عنده».
[3] في (ح) و(د): «وركب».
[4] في (ح) و(د): «فخذ».
[5] في (ح) و(د): «وإني أرى بياض فخذه».
[6] في (د): «فجمعنا».
[7] في (ح) و(د): «رسول».
[8] جاء في هامش (ح): «حاشية: قوله لدحية حين سأله جارية من السبي: (اذهب فخذ فأخذ صفية)، وذكر استرجاع النبي صلعم لها منه، قال بعضهم: فيه أن الإمام إذا أعطى ونفل ما لم يعلم مقداره أن له استرجاعه والتعويض منه، وليس له أخذ بغير عوض، قال مالك: يحتمل عندي ما جرى له مع دحية وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك برضى دحية، فيكون معاوضة جارية بجارية، فإن قيل: الواهب منهي عن شراء هبته فكيف عاوضه هنا عما وهب؟ قلنا: لم يهبه من مال نفسه فينهى عن الارتجاع، وإنما أعطاه من مال الله على جهة النظر، كما يعطى الإمام النفل لأحد أهل الجيش نظرًا، فيكون ذلك خارجًا عن ارتجاع الهبة وشراءها، والثاني: يكون إنما قصد عليه السلام إعطاء جارية من خشو السبي ووخشه، فلما اطلع أن هذه من خياره، وأن ليس من المصلحة إعطاء مثلها لمثله، وقد يؤدي ذلك إلى المفسدة، استرجعها لأنها خلاف ما أعطي».
[9] المثبت من (ح) وفي بقية النسخ:«النظير».
[10] كأنها في الأصل: «فجئني بِهَا».
[11] جاء في هامش (ح): «حاشية: قوله: (من أصبح عنده شيء فليجئ به، وبسط نطعًا): فيه انبساط الرجل مع أصدقاءه وحاشيته وآله، واستدعاء مثل هذا ممن يعرف سروره به وصحبته فيه، وقوله: (فحاسوا حيسًا) قال مالك: الحيس تمر وأقط وسمن، وقد تقدم ذكره وقد بينه في الحديث، قال ابن وضاح: الحيس التمر ينزع نواه ويخلط بالسويق، والأول المعروف».
[12] في (ح) و(د): «وكانت».