الصحيح من الأخبار المجتمع على صحته

حديث: إنك أن تترك ورثتك أغنياء

          1046- وعَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبيْ وقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: مَرِضْتُ عَامَ الْفَتْحِ، أَشْفَقْتُ(1) مِنْهُ على الموْتِ، فَجَاءَنيْ رسُولُ اللهِ صلعم يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي مالًا كثيرًا، وليس يَرِثُني إلا / ابنتي، أفَأَتَصدَّقُ بثُلَثي مالي؟ قالَ: «لا». قُلْتُ: فَالشَّطْرُ(2)؟ قالَ: «لا». قُلْتُ: فالثُّلُثُ؟ قالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثيرٌ(3). إِنَّكَ أنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً(4) يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. وإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلَّا أُجِرْتَ عليهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلى فِي امْرَأَتِكَ». فقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أُخَلَّفُ عَنْ هِجْرتي. فقال: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيَتَضَرَّرُ(5) بِكَ آخَرُونَ. اللَّهمَّ أَمْضِ(6) لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلا تَرُدَّهُمْ(7) عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ». يَرْثِيْ لهُ رسُولُ اللهِ صلعم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ. [خ¦1295]


[1] في (ح) و(د): «أشفيت»، وجاء في هامش (ح): «معنى أشفيت: أي قاربت وأشرفت، يقال: أشفا وأشاف قاله الهروي».
[2] في (د): «فبالشطر».
[3] جاء في هامش (ح): «حاشية: قال الإمام: جمهور العلماء على أن للمريض أن يوصي بثلثه، تعلقًا بهذا الحديث، وقال بعض الناس: الوصية بالربع، وذكر مسلم عن ابن عياش قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، وأنَّ النَّبيَّ صلعم قال: الثلث والثلث كثير، وأجاز أيضًا فيمن لا وارث له، هل يقصر على الثلث كمن له وارث، ويكون بيت المال كوارث معلوم يمنع من أجلها من الزيادة على الثلث، أم يجوز له الصدقة بماله كله إذ لا وارث له معلوم؟ وقد قال سعد: لا يرثني إلا ابنة لي واحدة، ولم يسامحه بصدقة الشطر، ويتكففون الناس: أي يسألون بأكفهم الصدقة، وكانوا يكرهون الموت بمكة، لأنه بلد تركوه لله سبحانه، وكرهوا أن يعودوا فيما تركوه لله تعالى، ولذلك ذكر فيه ما جرى في الحديث، وقوله: لا يرثني إلا ابنة لي: أي لا يرثني من الولد، وإلا فقد كان له ورثة وعصبة، وقيل: يحتمل أنه أراد لا يرثني ممن له نصيب معلوم، وقيل: يحتمل أنه لا يرثني من النساء إلا ابنة لي، وقيل: يحتمل أنه استكثر لها نصف تركته، أو ظن أنها تنفرد بجميع المال، أو على عادة العرب أنها لا تعد المال للنِّساء إنَّما كانت تعدُّه للرِّجال».
[4] جاء في هامش (ح): «أي عائلة يعولهم الناس».
[5] في (ح) و (د): «وَيُضَرَّ».
[6] في (د): «اقض».
[7] في (ح): «ترددهم».