التوشيح على الجامع الصحيح

حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر

          334- (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) قال ابن سعد وابن حبَّان وابن عبد البرِّ: غزاة بني المصطلق.
          قال ابن حجر: وغزاة بني المصطلق [هي] (1) غزوة المريسيع، وفيها وقعت قصَّة الإفك، وكان سبب ذلك أيضًا وقوع عقدها، فإن كان ما جزموا به ثابتًا حمل على أنَّه سقط منها مرَّتين في تلك السَّفرة.
          قال: واستبعد ذلك بعض شيوخنا؛ لأنَّ المريسيع من ناحية مكَّة بين قديد والسَّاحل، وهذه القصَّة من ناحية خيبر؛ لقولها: «حتَّى إذا كان بالبيداء أو بذات الجيش»، وهما بين المدينة وخيبر كما جزم به النَّوويُّ.
          قال: وما جزم به مخالف لما جزم به ابن التِّين فإنَّه قال: البيداء: هي «ذو الحليفة».
          وقال أبو عبيد البكريُّ: البيداء أدنى إلى مكَّة من ذي الحليفة، وهو الشَّرف الذي قدَّام ذي الحليفة من طريق مكَّة، قال: وذات الجيش من المدينة على بريد، وبينها وبين العقيق سبعة أميال، والعقيق من طريق مكَّة لا من طريق خيبر، فاستقام ما قال ابن التِّين، ويؤيِّده ما في «مسند الحميديِّ»: أنَّ القلادة سقطت بالأبواء، والأبواء بين مكَّة والمدينة، وفي رواية لجعفر الفريابيِّ في كتاب الطَّهارة: «أنَّها سقطت بمكان يقال له: الصُّلصُل» وهو بمهملتين مضمومتين ولامين، الأولى ساكنة جبل عند ذي الحليفة، قاله البكريُّ، فعرف تصويب ما قاله ابن التِّين.
          لكنَّ الصَّواب: تأخير هذه القصَّة عن قصَّة الإفك لما رواه الطَّبرانيُّ من طريق عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير عن عائشة ♦، قالت: «لمـَّا كان في أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجت مع رسول الله صلعم في غزوة أخرى فسقط أيضًا عقدي حتَّى حبس النَّاس على التماسه، فقال لي أبو بكر: أي بنيَّة في كلِّ سفرة تكونين عناء وبلاء على النَّاس، فأنزل الله الرُّخصة في التَّيمُّم».
          وقال ابن حبيب: / سقط عقد عائشة في غزوة ذات الرِّقاع وفي غزوة بني المصطلق، وقد اختلف أيُّهما كانت أوَّل.
          وقال [الدَّاوديُّ] (2) : كانت قصَّة التَّيمُّم في غزوة الفتح.
          (عِقْدٌ) بكسر المهملة: كل ما يعقد ويعلَّق في العنق ويُسمَّى قلادة، وفي أبي داود أنَّه كان من جزع ظفار لي، في الحديث الآتي أنَّها استعارته من أسماء فأضافته إليها لكونه في يدها.
          (عَلَى الْتِمَاسِه) أي: لأجل طلبه.
          (يَطْعُنُنِي): بضمِّ العين، وكذا جميع ما هو حسِّيٌّ، فأمَّا المعنويُّ: فبالفتح هذا هو المشهور فيهما.
          (فَقَامَ حِينَ أَصْبَحَ) أورده في الفضائل بلفظ: «فنام حتَّى أصبح»، [خ¦3672] والمعنى متقارب، لأنَّ كلًّا منهما يدُّل على أنَّ قيامه من نومه كان عند الصُّبح،
          (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ) هي آية المائدة كما في بعض طرقه عند البخاريِّ.
          (أُسَيْدُ): بالتَّصغير.
          (ابْنُ الْحُضَيْرِ): بمهملة، ثمَّ معجمة مصغَّر أيضًا.
          (مَا هِيَ بِأوَّل بَرَكَتِكُمْ) أي: بل هي مسبوقة بغيرها من البركات.
          (فَبَعَثْنَا) أي: أثرنا.


[1] ما بين معقوفتين في [ع] تصحيفًا: (في) والمثبت من غيرها.
[2] ما بين معقوفتين في غير [ع] : (الدارمي)