الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها

          585- (فَيُصَلِّيَ): بالنَّصبِ، وهو نحو: (ما تأْتيْنا فتحدِّثَنا)، في أنْ يُرادَ به نفيُ التَّحرِّي والصَّلاةِ كليهما، وأنْ يُرادَ نفيُ الصَّلاةِ فقط، ويجوزُ الرَّفعُ مِنْ جهةِ النَّحوِ، أي: لا يتحرَّى أحدُكم الصَّلاةَ في وقتِ كذا، فهو يصلِّي.
          وقال العلَّامةُ المُظْهِر: («لَا يَتَحَرَّى» هو نفي بمعنى النَّهي)، وقال الطِّيبيُّ: (وأقولُ: «فَيُصَلِّيَ» منصوبٌ بأنَّه جوابُه، ويجوزُ أنْ يتعلَّقَ بالفعلِ المنهيِّ [عنه] أيضًا، فالفعلُ المنهِيُّ عنه معلَّل في الأوَّل، والفعلُ المعلَّلُ منهيٌّ في الثَّاني، والمعنى على الثَّاني: لا يَتحرَّى أحدُكم فِعلًا يكونُ سببًا لوقوعِ الصَّلاةِ في زمانِ الكراهةِ، وعلى الأوَّل: كأنَّه لمَّا قيلَ: «لَا يَتَحَرَّى»؛ فقيل: لِمَ تنهانا عنه؟ فأجيبَ: خِيفةَ / أنْ تُصَلُّوا أَوَانَ الكَرَاهةِ) انتهى.
          وعنِ ابنِ خَروفٍ: يجوزُ في (فيُصَلِّي)(1) ثلاثةُ أوجهٍ: الجزمُ على العطفِ، والرَّفعُ على القطعِ، أي: لا يتحرَّى، فهو يصلِّي، والنَّصبُ على جوابِ النَّفي(2).
          وقال الزَّركشيُّ: (بالنَّصبِ والرَّفعِ، أمَّا النَّصبُ فلِمخالفةِ الثَّاني الأوَّلَ؛ كما تقول لمن يأتيكَ ولا يحدِّثُكَ: «لا تأتينا فتحدِّثَنا»؛ لأنَّ النَّفيَ واقعٌ على الثَّاني دونَ الأوَّلِ، وأمَّا الرَّفعُ فعلى(3) نفيهِما جميعًا، وهو مثلُ قولِه تعالى: {لَا تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم} [طه:61])، ثم نقلَ كلامَ ابنِ خَروفٍ.


[1] في (ب): (يصلي).
[2] في النسختين: (النهي).
[3] في النسختين: (على).