الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة

          525- (وَلَكِنِ الْفِتْنَةَُ): قال الزركشيُّ: (بالنَّصبِ بتقديرِ فِعْلٍ، أي: أريد) انتهى(1)، وفي أصلِنا بالرَّفعِ.
          (إِذَنْ): هو جوابٌ وجزاءٌ، أي: إِنْ يُكْسَرْ لا يُغلَقْ أبدًا؛ قالَه الكِرمانيُّ، وقال سيبويه: (معناها الجوابُ(2) والجزاءُ)، فقال(3) الشَّلَوبِين: (في كلِّ / موضعٍ)، وقال الفارسيُّ: (في الأكثرِ، وقد تتمحَّضُ للجوابِ بدليلِ أنَّه يُقالُ: أُحبُّك، فتقول: إذًا أظنُّك صادقًا؛ إذْ لا مجازاةَ هنا) انتهى.
          إشارةٌ: (إذَنْ) قال الجمهورُ: هي حرفٌ، وقيل: اسم.
          والصحيحُ: أنَّ نونَها عندَ الوقفِ عليها تُبدَلُ ألفًا، تشبيهًا لها بتنوينِ المنصوبِ، وقيل: يُوقَفُ بالنُّونِ؛ لأنَّها كنونِ (لَنْ) و(أَنْ)، رُويَ عنِ المازنيِّ والمُبَرَّدِ.
          وينبني على الخلافِ في الوقفِ عليها خلافٌ في كتابتِها؛ فالجمهورُ يكتبونَها بالألفِ، وكذا رُسِمتْ في المصاحفِ، والمازنيُّ والمبرَّدُ بالنُّون، وعنِ الفرَّاءِ: إِنْ عَمِلَتْ، كُتبَتْ بالألفِ، وإلَّا كُتِبَتْ بالنُّونِ؛ للفَرْقِ بينَها وبينَ (إِذَا)، وتبعَه(4) ابنُ خَرُوفٍ. /
          (يُغْلَقَ): منصوبٌ بـــ(إذن)، وهو جائزُ الرَّفعِ.
          [قال البِرْماويُّ]: (بالنَّصبِ؛ لوجودِ شرائطِ النَّصبِ بـــ«إذن» في(5) تصدُّرُها، واستقبالُ الفعلِ، واتِّصالُه؛ لأنَّ الفصلَ بـــ«لا» النَّافيةِ لا يَضرُّ، وبالرَّفعِ على أنَّه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو لا يُغلقُ(6)).
          وقال ابنُ الملقِّن: (والقافُ في «لا يُغْلَقَ» مفتوحةٌ؛ لأنَّه فعلٌ منصوبٌ بـــ«إذن»، و«إذن» تفعلُ النَّصبَ في الفعلِ المستقبَلِ؛ لعدمِ ثلاثةِ أشياءَ؛ وهي: أنْ يَعتمدَ ما بعدَها على ما قبلَها(7)، وأنْ يكونَ الفعلُ فعلَ حالٍ، وأنْ(8) يكونَ معها واوُ العطفِ، وهذهِ الثَّلاثةُ معدومةٌ هنا).
          قال الوالدُ ⌂: (بلِ الرَّفعُ أجودُ مِنَ النَّصبِ، قال اللهُ تعالى: {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:76]) انتهى.
          واعلم أنَّ جماعةً مِنَ النَّحْويينَ قالوا: إذا وقعتْ «إذن» بعدَ الواوِ أوِ الفاءِ جازَ فيها الوجهانِ، نحو: {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:76 / {فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء:53]، وقُرِئَ شاذًّا بالنَّصبِ فيهما، والتَّحقيقُ: أنَّه إذا قيلَ: إنْ تَزُرْني أَزُرْكَ، وإذًا أُحْسِن إليكَ؛ فإنْ قدَّرتَ العطفَ على الجوابِ جزمتَ وبَطَلَ عملُ (إذن) لوقوعِها حَشْوًا، أو على الجملتينِ جميعًا جاز الرَّفعُ والنَّصبُ؛ لتقدُّمِ العاطفِ، وقيل: يتعيَّنُ النَّصبُ؛ لأنَّ المعطوفَ على الأوَّلِ أوَّلُ، ولأنَّ ما بعدَها مستأنَفٌ، ومثلُ ذلكَ: (زيدٌ يقومُ وإذن أُحسِن إليه)، إنْ عطفتَ على الفعليَّةِ رفعتَ، أو على الاسميَّةِ فالمذهبانِ، قاله العلَّامةُ ابنُ هشامٍ.


[1] (انتهى): ليست في (ب).
[2] في (ب): (للجواب).
[3] في (ب): (وقال).
[4] في (ب): (تبعه).
[5] هكذا في النسختين، وفي مصدره: (وهي).
[6] العبارة في النسختين فيها تقديم وتأخير، والتصحيح من مصدره.
[7] في النسختين تبعًا لمصدره _وهو سبق قلم_: (أن يعتمد ما قبلها على ما بعدها)، والمثبت هو الصواب.
[8] في النسختين تبعًا لمصدره: (وألَّا)، ولعل المثبت هو الصواب، وانظر: «شرح المفصل» (5/127)، «شرح ابن عقيل» (2/343_345).