الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

باب ما يجوز من اللو

          ░9▒ (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ): هكذا في أصلِنا الشاميِّ.
          وقال الكِرمانيُّ: («بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ لَوْ»، وفي بعضِها: «مِنَ اللَّوْ»، لمَّا أرادوا / إعرابَها؛ جعلُوها اسمًا بالتعريفِ؛ ليكونَ علامةً لذلكَ، وبالتشديدِ، أي: ليصيرَ متمكِّنًا، قال الشاعرُ: [من الطويل]
أُلَامُ عَلَى لَوٍّ وَلَوْ كُنْتُ عَالِمًا                     بِأَذْنَابِ لَوٍّ لَمْ تَفُتْنِي أَوَائِلُهْ
          فإنْ قلتَ: عقدَ البابَ على «لَوْ»، وفي الحديثِ: «لولا»، و«لولا»: لامتناعِ الشيءِ لوجودِ غيرِهِ، فبينهُما بَوْنٌ بعيدٌ؟
          قلتُ: مآلُهُ إلى «لو»، أي: معناهُ: لو لم تكُن المشقَّةُ؛ لأمرتُهُم، ويَحتملُ أنْ يُقالَ: أصلُه: «لو»، زِيدَ «لا» عليه) انتهى.
          وقال الزركشيُّ(1): («اللَّوْ»: بسكونِ الواوِ؛ يريد: مِن قولِه: لَوْ كانَ كذا؛ لكانَ كذا، أو لم يكن كذا، فإدخالُ الألفِ واللَّامِ على «لو» _وهو حرفٌ_ غيرُ جائزٍ في العربيَّةِ؟
          قلتُ: أَقامَها مُقامَ اسمٍ لمعنًى قد عُلِمَ؛ كالنَّدمِ والتمنِّي) انتهى.
          وقد جاءَ في «ابنِ ماجه» مرفوعًا: «إيَّاكَ واللَّوَّ، فإنَّ اللَّوَّ تفتحُ عَمَلَ الشَّيطانِ»، أمَّا النَّهْيُ عن ذلك وأنَّها تفتحُ عَمَلَ الشَّيطانِ؛ فمحمولٌ على مَنْ يقول ذلك مُعتمِدًا على الأسبابِ، مُعرِضًا عنِ المقدورِ، أو متضجِّرًا. /
          وقال بعضُ الشارحينَ: (يريدُ: قولَ الراضي بما أرادَهُ اللهُ: لو كان كذا، فأدخلَ على «لو» الألفَ واللَّامَ التي للعهدِ، وذلك غيرُ جائزٍ عند أهلِ العربيَّةِ؛ إذْ «لو» حرفٌ، وهما لا يدخلانِ على الحروفِ، كذا أوَّلَه القاضي، وهو عجيبٌ، فإنَّ الحروفَ يجوزُ أنْ يُسمَّى بها، وتَجري مَجرى الأسماءِ في الإخبارِ عنها، وقَبولِ علاماتِ الاسمِ، فأصلُ «لو» حرفُ امتناعٍ، فإذا سُمِّيَ بها؛ زيدَ فيها واوٌ أُخرى، ثمَّ أُدغِمتْ وشُدَّتْ.
          ثمَّ قال القاضي: الَّذي يُفهَمُ مِن ترجمةِ البخاريِّ وما ذكرَه في البابِ مِنَ الأدلَّةِ: أنَّه يجوزُ استعمالُ «لو» و«لولا» فيما يكونُ للاستقبالِ ممَّا امتَنَعَ فِعْلُه لوجودِ غيرِه، [وهو من باب «لولا»، أوِ امتَنَعَ فِعْلُه لامتناعِ غيرِه]، وهو مِنْ بابِ «لو»؛ لأنَّه لم يَدْخلْ في البابِ سوى ما هو للاستقبالِ، أو ما هو حقٌّ صحيحٌ مُتَيَقَّنٌ، دونَ الماضي والمنقضِي، أو ما فيه اعتراضٌ على الغيبِ والقَدَرِ السابقِ) انتهى كلامُ الزركشيِّ. /


[1] في (أ): (الكِرمانيُّ)، ثم ضرب عليها وكتب: (الزركشي)، والكلام في«مطالع الأنوار» (3/462).