الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد.

          299- 300- 301- (أَنَا وَالنَّبِيُّ): بالرَّفعِ والنَّصبِ.
          (كِلَانَا جُنُبٌ): لم يقلْ: جُنُبَانِ، اختيارًا لِلُّغةِ الفُصحى. /
          (فَأَتَّزِرُ): قال الكِرمانيُّ: (بلفظِ مُتكلِّمِ المضارعِ مِنْ بابِ الافتعال، فإنْ قلتَ: لا يجوزُ الإدغامُ فيه عند البصريين، قال صاحبُ «المفصَّل»: «وقولُ مَنْ قال: اتَّزر، خطأٌ».
          قلتُ: قولُ عائشةَ وهي مِن فُصحاء العرب حُجَّةٌ في جوازِهِ، فالمخطِّئُ مخطِئٌ، أو أنَّه وقعَ من الرُّواة هنا) انتهى.
          وقال المُطَرِّزي: (إنَّه عامِّيٌّ، والصَّوابُ: ائْتَزر، بهمزتين، الأُولى: للوصل، والثانية: فاءُ الفعل). /
          وأمَّا ابنُ مالكٍ فحاولَ تخريجَه على وجهٍ يصحُّ، وقال: إنَّهُ مقصورٌ على السَّماع، ونظَّرَه بقراءَةِ ابنِ مُحَيْصِن: ▬اتُّمِنَ↨ [البقرة:283] بألفِ وصلٍ، وتاءٍ مُشدَّدةٍ، ولفظُه: (ما(1) كانَ على وزنِ «افتَعَل» ممَّا فاؤُه واوٌ أو ياءٌ، فإبدالُ فائِه [تاءً] لازمٌ في اللُّغةِ المشهورةِ، نحو: «اتَّصَل يتَّصِل، واتَّسَر يتَّسِر»، فالتَّاءُ الأُولى في «اتَّصلَ» بدلٌ مِنْ واوٍ، وفي «اتَّسر» بدلٌ مِن ياءٍ، فإنْ كانتْ فاءُ ما وزنُه «افتَعَل» همزةً، أُبدلتْ ياءً بعدَ همزةِ الوصلِ مبدوءًا بها، نحو: «ايْتَمَرَ»، و«ايْتَمِرْ»، و«ايْتِمَار»، وألفًا بعدَ همزةِ المتكلِّمِ، نحو: «أَاتَمِرُ»، وسَلِمَتْ فيما سوى ذلك، نحو: «يَأْتَمِرُ وائْتِمَارًا فهو مُؤْتَمِر».
          وقد يُشَبَّهُ هذا النَّوعُ بما فاؤُه واوٌ أو ياءٌ، فيجيء بتاءٍ مُشدَّدةٍ قبلَ العينِ، لكنَّه مقصورٌ على السَّماعِ، كـــ«اتَّزر»، و«اتَّكل»، ومنه قراءةُ ابنِ مُحَيْصِن: ▬اتُّمِنَ↨ [البقرة:283] بألفِ وصلٍ، وتاءٍ مُشدَّدةٍ).
          وقال العلَّامةُ جمالُ الدِّين ابنُ هشامٍ في «توضيحه»: (البابُ الثَّاني: بابُ الهمزتين الملتقيتين في كلمةٍ: والَّذي يُبْدَلُ منها(2) أبدًا هو(3) الثَّانيةُ، لا الأُولى؛ / لأنَّ إفراطَ الثِّقَل بالثَّانية حَصَل، ولا تخلو الهمزتانِ المذكورتانِ مِنْ أنْ تكونَ الأُولى متحرِّكةً والثَّانيةُ ساكنةً، أو بالعكسِ، أو تكونا متحرِّكتين، فإنْ كانتِ الأُولى متحرِّكةً، والثَّانيةُ ساكنةً، أُبدلتِ الثَّانيةُ حرفَ عِلَّةٍ مِنْ جِنسِ حركةِ الأُولى، فتُبدَلُ ألفًا بعدَ الفتحة، نحو: «آمَنْتُ»، ومنهُ قولُ عائشةَ ♦: «وَكَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَاتَزِرَ»، وهو بهمزةٍ فألفٍ، وعوامُّ المحدِّثينَ يُحرِّفونَه، فيقرؤونَه بألفٍ وتاءٍ مشدَّدةٍ، ولا وجْهَ له(4) لأنَّه «افتعل» مِنَ الإزار(5)، ففاؤُهُ همزةٌ ساكنةٌ بعدَ همزةِ المضارَعةِ المفتوحةِ، وياءً بعدَ[19ب] الكسرةِ، نحو: «إِيمان»، وشذَّت قراءَةُ بعضِهم: ▬إِئْلَافِهِمْ↨ بالتحقيق(6)، وواوًا بعدَ الضَّمَّةِ، نحو: «اُوتُمِنَ»، وأجازَ الكِسائيُّ أنْ يُبتدأ: «أؤتمن»، بهمزتين، نقلَه عنه ابنُ الأنباريِّ في كتاب «الوقف والابتداء» وردَّهُ) انتهى.
          [وقال السُّخُوميُّ: (وأمَّا «اتَّزَرَ» بقلب الهمزة الثَّانية ياء، وإدغامها في تاء الافتعال قياسًا على قلبِ الواو والياءِ في «اتَّعد» و«اتَّسر»(7) فخطأٌ وَقَعَ مِنْ بعضِ الرُّواةِ). /
          وقال التُّورِبِشْتِيُّ: (صوابُه: بهمزتين، فإنَّ إدغامَ الهمزةِ في التَّاءِ غيرُ جائزٍ، ولمَّا كانتْ أُمُّ المؤمنين ♦ مِنَ البلاغةِ بمكانٍ علمنا أنَّه نَشَأَ مِنْ بعضِ الرُّواةِ)]
(8).


[1] في (ب): (ولفظتا)، وهو خطأ.
[2] هكذا في النسختين، ولعل الصواب: (منهما).
[3] في (ب): (هي).
[4] في هامش (أ): (وقيل: لغة رديئة).
[5] في هامش (أ): (من الوزر، كذا عند الحاجري).
[6] في هامش النسختين: (قراءةُ أبي بكرٍ عن عاصمٍ)، وهي برواية الشمني عن الأعشى عن أبي بكر، وهي شاذة، قال في «السبعة» (ص698): (ثم رجع عنه)، وانظر: «القراءات مختصر في شواذ القرآن» (ص180)، «الكامل» (ص405)، «التحصيل» (7/171)، «المحرر الوجيز» (15/574)، «البحر المحيط» (10/548)، «الدر المصون» (11/113).
[7] في (ب): (واتَّسد).
[8] ما بين معقوفين جاء في (ب) عقب قوله: (وعوام المحدثين... بالتخفيف).