الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أن النبي كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه

          248- (ثَلَاثَ غُرَفٍ): في بعضِها: (غَرَفَاتٍ).
          إنْ قلتَ: هذا هو الأصلُ؛ لأنَّ مميِّزَ الثَّلاثةِ ينبغي أنْ يكونَ مِنْ جُموعِ القِلَّةِ، فما الوجهُ في (غُرَفٍ)؟
          قلتُ: جمعُ الكَثْرةِ يُقامُ مُقامَ جمعِ القِلَّة، وبالعكسِ، وأمَّا الكوفيُّونَ فـــ(فُـِعَل) بضمِّ الفاء وكسرِها عندَهم من باب جُموعِ القِلَّة؛ كقوله تعالى: {فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ} [هود:13]، وقولِه تعالى: {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص:27]، قاله الكِرمانيُّ.
          وقال الطِّيبيُّ: (وفي «أصل المالكيِّ»: «ثَلَاثَ غُرَفٍ» قال: حُكمُ العددِ مِنْ ثلاثةٍ إلى عشرةٍ [في التذكيرِ، ومِن ثلاثٍ إلى عشرٍ في التأنيثِ]: أنْ يُضافَ إلى أحدِ جُموعِ القِلَّة السِّتَّةِ؛ وهي: أفعُل، وأفعال، وأفعِلة، وفِعْلة، والجمع / بالألف والتاء، وبالواو والنُّون، فإنْ لم يكن للمعدودِ جمعُ قِلَّةٍ جِيءَ بدلَه بالجمعِ المستعمل، كقولك: ثلاثةُ سباعٍ، وثلاثةُ لُيوثٍ، فإنْ كان له جمعُ قِلَّةٍ وأُضيفَ إلى جمعِ كَثْرةٍ لم يُقَسْ عليه، كقوله تعالى: {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة:228] مع ثبوتِ «أَقْرَاء»، ولكن لا عدولَ عنِ الاتِّباعِ عندَ صِحَّةِ السَّماع، ومِن هذا القبيلِ: قولُ حُمْرانَ: «ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثَ مِرَارٍ» مع ثبوتِ «مرَّاتٍ»، فعلى هذا: قولُ عائشةَ يقتضي أنْ يُقالَ: «ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ»، لا «غُرَفٍ»؛ لأنَّ «فُعَلًا» عند البصريينَ جَمْعُ كَثْرةٍ، ويصحُّ عند الكوفيينَ؛ لأنَّ «فُـِعَلًا» بضمِّ الفاءِ وكسرِها جَمْعُ قِلَّةٍ، وهذا الحديثُ وقولُه تعالى: {فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ} [هود:13] يؤيِّدُ قولَهم في «فُعَل»، وقولُه تعالى: {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص:27] في «فِعَل»).