الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة

          247- (وَرَهْبَةً): إِنْ قلتَ: الرَّهبةُ تُستعمل بـــ«مِن»، يقال: رهبةً منك؟
          قلتُ: (إِلَيْكَ) هو متعلِّقٌ بـــ(رَغْبَةً)، وأعطى للرَّهبةِ حكمَها، والعربُ كثيرًا تفعلُ ذلك؛ كقولِ بعضِهم: [من مجزوء الكامل]
وَرَأَيْتُ بَعْلَكِ فِي الْوَرَى                     مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا
          والرُّمحُ لا يُتقلَّدُ، وكقولِه: [من الرجز]
عَلَفْتُهَا(1) تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا /
انتهى كلامُ الكِرمانيِّ.
          وقال ابنُ الجوزيِّ: (أسقطَ مِنَ الرَّهْبَة لفظ «مِنْكَ»، وأعمل لفظ الرَّغْبَة بقوله: «إِلَيْكَ» على عادة العرب في أشعارهم: [من الوافر]
...........................                     وَزَجَّجْنَ الحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا /
          والعيونُ لا تُزَجَّجُ، ولكنَّه لمَّا جمعَهما في النَّظمِ حَمَلَ أحدَهما على حُكْمِ الآخرِ) انتهى.
          اعلم أنَّه يجبُ في ذلك إضمارُ فعلٍ ناصبٍ للاسمِ على أنَّه مفعولٌ به، أي: وسقيتُها ماءً، وكحَّلْنَ العيونا، هذا قولُ الفرَّاءِ والفارسيِّ ومَنْ تبعَهُما، وذهب الجَرْميُّ والمازنيُّ، والمبرَّدُ، وأبو عبيدةَ، والأصمعيُّ،.................. / واليزيديُّ: إلى أنَّه لا حذفَ، وإنَّما بعدَ الواو معطوفٌ، وذلك على تأويلِ العاملِ المذكورِ بعاملٍ يصحُّ انتصابُه عليهما، فيُؤَوَّلُ (زَجَّجْنَ) بـــ(حَسَّنَّ)، و(عَلَفْتُهَا) بـــ(أَنَلْتُها). /
          (لَا مَلْجَأَ): بالهمزة، ويجوزُ التَّخفيفُ.
          (وَلَا مَنْجَى): مقصورٌ، وإعرابُه كإعرابِ (عَصَا).
          إنْ قلتَ: فهل يُقرأُ بالتَّنوينِ، أو بغيرِ التنوينِ؟
          قلتُ: في هذا التَّركيبِ خمسةُ أوجهٍ؛ لأنَّه مثلُ: (لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله)، والفرقُ بين نصبِه وفتحِه بالتَّنوين، وعندَ التَّنوينِ تسقطُ الألفُ.
          ثمَّ إنَّهما إنْ كانا مصدرينِ يتنازعانِ(2) في (مِنْكَ)، وإنْ كانا مكانينِ فلَا؛ إذِ اسمُ المكانِ لا يعملُ، وتقديرُه: لا ملجأَ منكَ إلى أحدٍ، ولا منجى إلَّا إليكَ. /


[1] في النسختين: (وعلفتها)، والمثبت يقتضيه الوزن.
[2] هكذا في النسختين و«الكواكب الدراري»، وفي «اللامع الصبيح»: (فيتنازعان).