الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أن النبي نام حتى نفخ ثم صلى

          138- (فَلَمَّا كَانَ): أي: رسولُ اللهِ، ويَحتملُ أنَّ (كَانَ) تامَّةٌ، و(مِنْ) زائدةٌ، أي: فلمَّا وُجِدَ بعضُ اللَّيلِ، وفي بعضِها: (فِي) بدل: (مِنْ) انتهى.
          وقال بعضُهم: (ويَحتملُ أنْ تكونَ للتَّبعيضِ، وأنْ تكونَ بمعنى: «في» كقوله تعالى: {مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة:9]).
          فإنْ قلتَ: ما هذهِ الفاءُ الدَّاخلةُ على (فَلَمَّا) إذْ مضمونُ هذهِ الجملةِ نفسُ مضمونِ (فَقَامَ النَّبِيُّ صلعم مِنَ اللَّيْلِ)، ولا بُدَّ مِنَ المغايرةِ بينَ المعطوفِ والمعطوفِ عليه؟
          قلتُ: ليسَ نفسَ مضمونِه؛ إذِ الأوَّلُ مُجْمَلٌ، والثَّاني مُفَصَّلٌ.
          (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): قال ابنُ الملقِّن: (يجوزُ إثباتُ الهمزةِ، وسكونُها علامةُ الجَزْمِ، وهو الأشهرُ في اللُّغةِ، وحذفُ الألفِ علامةُ الجَزْمِ؛ مثل: لم يَخْشَ). /
          وقال العلَّامةُ ابنُ هشام: (إذا كانَ حرفُ العِلَّةِ بدلًا مِنْ همزةٍ؛ كـــ«يقرا»، و«يُقْرِي»، و«يَوْضُو»؛ فإنْ كانَ الإبدالُ بعدَ دخولِ الجازمِ؛ فهو إبدالٌ قياسيٌّ، ويَمتنعُ حينئذٍ الحذفُ لاستيفاءِ الجازمِ مُقتضاهُ، وإنْ كانَ قبلَه فهو إبدالٌ شاذٌّ، ويجوزُ مع الجازم الإثباتُ والحذفُ بناءً على الاعتدادِ(1) بالعارض وعدمِه، وهو الأكثر) انتهى.
          وقال الأستاذ أبو جعفر: (فإنْ كانتِ الألفُ والواو والياء في الفعلِ المضارع ليستْ بأصلٍ، وإنَّما هي مبدلةٌ من همزةٍ، نحو: «يَقْرا» بسكون الألف، والأصل: يَقْرَأ؛ بالهمز، ويُقْرِيْ؛ بسكون الياء، والأصل: يُقْرِئ؛ بالهمز، ويَوضُو؛ بسكون الواو، والأصل: يَوضُؤ؛ بالهمز؛ فاختلف النَّحْويُّون في جَزْمِ ذلك:
          فذهب ابنُ عُصفُورٍ[15ب] إلى أنَّ لك وجهين:
          أحدُهما: إبقاءُ حروفِ العِلَّة، وعلامةُ الجَزْمِ تسكينُ هذه الحروفِ؛ لأنَّها / كانت متحرِّكةً.
          الثَّاني: حذفُ هذه الحروفِ تشبيهًا لها بالحروفِ الأصليَّةِ.
          وذهب ابنُ الضَّائعِ: أنَّه لا يجوزُ في جَزْمِ هذا النَّوعِ من الفعل حذفُ حرفِ العِلَّة، وإنَّما علامةُ الجَزْمِ التَّسكينُ؛ لأنَّ تسهيلَ الهمزةِ كتحقيقها) انتهى.
          فيجوزُ في (لَمْ يَتَوَضَّأ) ثلاثةُ أوجُهٍ: (يتوضَّ)، (يتوضَّا)، (يتوضَّأْ).


[1] في النسختين: (على عدم الاعتداد)، ولا يستقيم، والصواب ما أثبت من مصدره.