الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة

          2731- 2733- (حَلْ حَلْ): بالتسكينِ، زجْرًا للناقة، إذا حملها على السير؛ يقال لها: (حَلْ) ساكنةَ اللَّامِ، فإذا كرَّرتَ قلتَ: (حَلٍ حَلْ) كسرتَ(1) لامَ الأُولى منوِّنًا، وسكَّنتَ لامَ الثانيةِ كقولِكَ: (بَخٍ بَخْ)، و(صَهٍ صَهْ).[66أ]
          (هَاتِ): بكسرِ التاء.
          (وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى): جوابُ الشرطِ محذوفٌ، والتقديرُ: وإنْ كانتِ الأُخرى كانت الدُّولةُ للعدوِّ، وكانَ الظفَرُ لهم عليكَ وعلى أصحابِكَ.
          وقال الكِرمانيُّ: (جزاؤُهُ محذوفٌ، تقديرُه: وإنْ تكنِ الدولةُ لقومِكَ(2) فلا / يخفى ما يفعلونَ بكم).
          (مِنْ أَمْرِكُمْ): (مِنْ): زائدةٌ أو تبعيضيَّةٌ.
          (إِذَنْ لا أُصَالِحَـُكَ): بالنصبِ، ويجوزُ الرفعُ.
          (وَلَسْتُ أَعْصِيهِ): بإسكانِ الياءِ، وفي أصلِنا المصريِّ بالفتحِ والإسكانِ، وقرأتُ بخطِّ العلَّامةِ عِزِّ الدينِ الحاضريِّ ⌂(3): إنَّه منصوبٌ بـ(أن) المضمرةِ، قال: وهو اختيارُ المبرِّدِ، واستدلَّ(4) بقراءةِ الحسنِ: ▬تأمُرُوني أعبدَ↨ [الزمر:64]، وبقراءةِ الأعرجِ: ▬وَيَسْفِكَ↨ [البقرة:30] بالنصبِ، قال: وجازَ ذلكَ _وإنْ كانَ فيه إخبارٌ عنِ الجُثَّةِ بالحدثِ_ على تأويل (أنْ) والفعلِ باسمِ الفاعلِ، وهو جائزٌ عندَهم؛ كما جازَ في بابِ (كادَ)، أو بتقديرِ محذوفٍ قبلَ اسمِ (ليسَ)، أي: ليسَ أمري العصيانَ، / وتأويلِ (أنْ) والفعلِ بالمصدرِ على ما هوَ الكثيرُ الشائعُ، انتهى(5).
          [(العَهْدَ): بالنصبِ، أي: نطلبُ، أو أَوفِ](6).
          (وَيْلَُِ أُمِّهِ): قال الزركشيُّ: (بضمِّ اللَّامِ، وكسرِها)، وفي كلامِ والدي ⌂ زاد: (وفتحها)، وقال بعضُهم(7): (منصوبٌ على أنَّه مفعولٌ مطلقٌ، أو مرفوعٌ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو ويلُ أُمِّه، وقال الجوهريُّ: إذا أضفتَه ليس فيه إلَّا النصبُ).
          إشارةٌ:
          وقعَ في «الجمهرةِ» لابنِ دُريدٍ كما رأيتُه فيها: (وفي الحديثِ _أحسبُه لأبي جهمِ بنِ حذيفةَ_: أنَّ النبيَّ صلعم قالَ له: «ويلُ أُمِّه! مِحَشَّ حَرْبٍ لو كانَ معه رجالٌ») انتهى.
          ورأيتُ في «الفائقِ»: («وَيْ» كلمةُ تعجُّبٍ، والأصلُ: وَيْ لِأُمِّه، فحُذفتِ الهمزةُ، وأُلقيتْ حركتُها على اللَّامِ، ورُبَّما كُسِرَتْ إتباعًا للميمِ، أو لأنَّها حركتُها الأصليةُ، / وانتصابُ «مِحَشَّ» على التمييزِ) انتهى(8).
          [وقالَ زينُ العربِ: أصلُ (الويلِ): المشقَّةُ والهلاكُ، وقد يَرِدُ ويُرادُ به التعجُّبُ كما هنا، فإنَّه ◙ تعجَّبَ مِنْ حُسنِ نهضتِهِ للحربِ وجَودةِ معالجتِهِ لها، وقيل: الأصلُ: ويْ لِأُمِّه، و(وَيْ) كلمةُ تفجُّعٍ وتعجُّبٍ، فحُذفتِ الهمزةُ مِن (أُمِّه) تخفيفًا، وأُلقيتْ حركتُها على اللَّامِ، وقيلَ: (ويلَُ أمِّه) بالنصبِ على المصدرِ، أو الرفعِ على الابتداءِ، والخبرُ محذوفٌ.
          و(مِسْعَرَُ): خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو مِسْعَرُ؛ وهو الذي يُحَمِّي الحربَ ويُهَيِّجُ الشرَّ، وسَعَّرْتُ النارَ والحربَ: أوقدتُها، والمِسعرُ والمِسعارُ: ما يُحرَّك به النارُ، يَصِفُهُ بالمبالغة في الحربِ والنَّجْدةِ.
          (لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ): ينصرُه ويُعينُه، وقيل: معناهُ: لو كانَ له أحدٌ يُعرِّفُه ألَّا يَرْجِعَ إليَّ؛ حتَّى لا أَرُدَّه إليهم، وهذا أَنسبُ بسياقِ الحديث، فإنَّ قولَه: (فَلَمَّا سَمِعَ)، أي: أبو بصيرٍ (ذَلِكَ)، أي: القولَ مِنَ الشارعِ (عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إِلَيهِمْ) فإنَّه يؤذِنُ بأنَّه لا يُؤْوِيهِ ولا يُعِيْنُه]
(9).
          وقال ابنُ مالكٍ: (أصلُه: وَيْ لِأُمِّه، فحُذفتِ الهمزةُ تخفيفًا؛ لأنَّه كلامٌ كَثُرَ / استعمالُه، وجرى مَجرى المَثَلِ.
          وتُضَمُّ اللَّامُ، وفي ضمِّها وجهان:
          أحدُهما: أن يكونَ ضَمَّ إتباعٍ للهمزةِ؛ كما كُسِرَتِ الهمزةُ إتباعًا للَّامِ في قراءةِ مَن قرأ: {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:11]، ثمَّ حُذفتِ الهمزةُ، وبَقِيَ تابعُ حركتِها على ما كان عليه.
          الثاني: أن يكونَ الأصلُ: ويلُ أُمِّهِ؛ بإضافةِ «ويل» إلى «الأمِّ»؛ تنبيهًا على ثُكْلها ووَيْلِها لفَقْدِه.
          والأوَّلُ أجودُ؛ ليتَّحِدَ معنى المكسورِ والمضمومِ).
          و(وَي) مِن أسماءِ الأفعالِ؛ بمعنى: أتَعجَّبُ(10)، واللَّامُ متعلِّقةٌ به، ونصب (مِسْعَرَ) على التمييز.
          إشارةٌ: (سِيفَ البَحْرِ): الإضافةُ لمجرَّدِ البيان، لا للتمييز فيه.
          (تُنَاشِدُهُ اللهَ وَالرَّحِمَ): تَعديتُه إلى مفعولين، إمَّا لأنَّه بمنزلةِ: (دعوتُ) حيث قالوا: أنشدتُك اللهَ، وبالله(11) أو لأنَّهم ضمَّنُوه معنى: (ذَكَّرْتُ).
          و(لَمَّا): الروايةُ في (لمَّا) بالتشديد، وهي في موضعِ (إلَّا) كقولِه تعالى: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4] / على قراءةِ مَن قرأَ بالتشديدِ، والعربُ تستعملُ هذا الحرفَ في كلامِهِم على الوجه الذي في الحديثِ إذا أرادُوا المبالغةَ في المطالبةِ؛ كأنَّهم يَبتغونَ مِنَ المسؤولِ ألَّا يَهتمَّ بشيءٍ إلَّا بذلك.
          أقولُ: قولُه: (فَمَنْ أَتَاهُ): الفاءُ(12) جوابُ شرطٍ محذوفٍ؛ المعنى: أرسلتْ قريشٌ: ما تطلبُ منه ◙ [شيئًا] إلَّا ردَّهم إلى المدينةِ، فإذا فعلت ذلك فمَن أتاهُ ◙ مِنْ مكَّةَ مُسلمًا بعدُ أَمِنَ مِنَ الردِّ إلى قريشٍ.
          (أَزْوَاجِهِمْ): وفي بعضِها: (أزواجهنَّ)، وتأويلُه: أنَّ الإضافةَ بيانيَّةٌ، أي: أزواج هي هُنَّ، وفيه تكلُّفٌ.
          (يُعْطَى): مبنيٌّ للمفعول.
          و(مَنْ ذَهَبَ): مفعولُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه.
          (مَا أَنْفَقَ): هو المفعولُ الثاني.


[1] في النسختين: (كسر).
[2] في (ب): (لقومكم).
[3] زيد في النسختين: (وهو أن يقال)، وهو مستفاد من عبارة «التلقيح»: (ثم وجَّهه بعض الفضلاء من أصحابنا الحلبيين الحنفية؛ وهو أن يقال...)، ولا يستقيم هنا.
[4] في (ب): (فاستدل).
[5] (انتهى): ليست في (ب)، وانظر «التلقيح» (1/369/ب).
[6] ما بين معقوفين جاء في هامش (أ)، وفي (ب) في غير موضعه.
[7] زيد في (ب): (مفعول).
[8] (انتهى): ليست في (ب).
[9] ما بين معقوفين ليس في (ب).
[10] في (ب): (العجب).
[11] في (ب): (أو بالله)، وتقدَّم أنَّها في رواية أبي ذرٍّ بالنصب، وفي رواية غيره بإثبات الباء: (بالله).
[12] (الفاء): ليست في (ب).