الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة

          1368- (مُرَّ): (مُرَّ): لازمٌ، فلا يُبنَى منه.
          قال الوالدُ ⌂: (إلَّا أنِّي رأيتُ عن سيبويهِ أنَّه جوَّزَ البناءَ مِنَ اللَّازِمِ).
          (فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا): في بعضِها: (خيرٌ) نائبًا عنِ الفاعلِ، وفي بعضِها بالنَّصبِ.
          قال ابنُ بطَّالٍ: (أقامَ الجارَّ والمجرورَ مُقامَ المفعولِ الأوَّلِ، و«خيرًا» مُقامَ الثَّاني، والاختيارُ عكسُه، ولعلَّه لغةُ قومٍ).
          وقال ابنُ مالكٍ: (صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، وأُقيمتْ مُقامَهُ، فنُصِبَتْ؛ لأنَّ «أُثْنِيَ» مُسْنَدٌ إلى الجارِّ والمجرورِ، والتَّفاوتُ بينَ الإسنادِ إلى المصدرِ والإسنادِ إلى الجارِّ / والمجرورِ قليلٌ).
          وقال العلَّامةُ النَّوويُّ: (منصوبٌ بإسقاطِ الخافضِ، أي: فأُثْنِيَ عليها(1) بخيرٍ، قال: ويقعُ في بعضِ أصولِ «مسلمٍ»: «خَيْرٌ» بالرَّفعِ).
          وقال البِرْماويُّ: (وقال غيرُه: هو على قراءةِ: {لِيُجْزِىَ قَوْمَا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الجاثية:14]، أي: حتَّى يكونَ النَّائبُ عنِ الفاعلِ ضميرَ المصدرِ، أو غيرَ ذلك) انتهى.
          واعلم: أنَّه قرأَ ابنُ عامرٍ والأَخَوانِ: {لِنَجْزِىَ} بنونِ العَظَمةِ، وباقي السبعةِ: {لِيَجْزِيَ} بالياءِ مِنْ تحتُ مبنيًّا للفاعلِ، وأبو جعفرٍ بخلافٍ عنه، وشيبةُ، وعاصمٌ / في روايةٍ كذلك، إلَّا أنَّه مبنيٌّ للمفعولِ.
          وإنَّه لا ينوبُ غيرُ المفعولِ به معَ وجودِه، وأجازَه الكوفيُّونَ(2) مطلقًا لقراءةِ(3) أبي جعفرٍ: {لِيُجْزَىَ قَوْمَا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}، والأخفشُ بشرطِ(4) تقدُّمِ النَّائبِ؛ كقولِه: [من الرَّجز]
وَإِنَّمَا يُرْضِي المُنِيبُ رَبَّهُ
مَا دَامَ مَعْنِيًّا بِذِكْرٍ قَلْبَهُ
          فـــ(بِذِكْرٍ) نائبٌ عنِ الفاعلِ، وتُرِكَ المفعولُ به، وهو (قَلْبَهُ)، وقولِهِ: [من الرجز]
لَمْ يُعْنَ بِالْعَلْيَاءِ إِلَّا سَيِّدًا /
          الشَّاهدُ في نيابةِ حرفِ الجرِّ عنِ الفاعلِ.
          وقال الشِّهابُ: (وفي القائمِ مَقامَ الفاعلِ ثلاثةُ أوجهٍ:
          أحدُها: ضميرُ المفعولِ الثَّاني، عادَ الضَّميرُ عليه؛ لدلالةِ السِّياقِ تقديرُه: ليُجْزَى هو _أي: الخيرُ_ قومًا، والمفعولُ الثَّاني مِنْ بابِ[45ب] «أَعطَى» يقومُ مَقام الفاعلِ بلا خلافٍ، ونظيرُه: «الدِّرهمُ أُعطِيَ زيدًا».
          الثَّاني: أنَّ القائمَ مَقامَه ضميرُ المصدرِ المدلولِ عليه بالفعلِ، أي: ليُجْزَى الجزاءُ، وفيه نظرٌ؛ لأنَّه لا(5) يتركُ المفعولُ به ويُقامُ المصدرُ، لا سيَّما مع عدمِ التَّصريحِ به.
          الثَّالث: أنَّ القائمَ مَقامَه الجارُّ والمجرورُ، وفيه حُجَّةٌ للأخفشِ والكوفيِّينَ، حيثُ يُجيزونَ نِيابةَ غيرِ المفعولِ به معَ وجودِه، وأَنشدوا: [من الرَّجز]
لَمْ يُعْنَ بِالْعَلْيَاءِ إِلَّا سَيِّدًا
والبَصريُّونَ لا يُجيزونَه)
          انتهى. /


[1] (فأثني عليها): ليست في (ب).
[2] في (أ): (الكوفي)، والأَولى المثبت من (ب).
[3] في (ب): (كقراءة).
[4] في (ب): (يشرط).
[5] في النسختين: (لم)، والمثبت من مصدره.