الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية فبينا أنا جرف

          1211- (أَوْ ثَمَانَ): رأيتُ في «التَّوضيحِ» لابن مالك: (الأجودُ أَنْ يقالَ: «أو ثمانيًا» بالتَّنوينِ، وفيه ثلاثةُ أوجُهٍ:
          أحدُها _وهو أجودُها_: أَنْ يكونَ أرادَ «أو ثمانيَ غزواتٍ»، ثمَّ حذفَ المضافَ / إليه (1)، وأبقى المضافَ على ما كان قبلَ الحذفِ، وحَسَّنَ الحذفَ دلالةَ ما تقدَّمَ مِنْ مثلِ المحذوفِ.
          الثَّاني: أَنْ تكونَ الإضافةُ غيرَ مقصودةٍ، وتُرِكَ تنوينُ «ثَمَانٍ» لمشابهتِهِ «جواريَ» لفظًا ومعنًى.
          أمَّا اللَّفظُ فظاهرٌ، وأمَّا المعنى فلأنَّ «ثمانيًا» وإنْ لم يكن له واحدٌ مِنْ لفظِهِ؛ فإنَّ مدلولَه جمعٌ، وقد اعتُبِرَ مجرَّدُ الشَّبَهِ اللَّفظيِّ في «سراويلَ»، فأُجرِيَ مُجرى «سرابيلَ»، فلا يَبْعُدُ إجراءُ «ثمانٍ» مُجرى «جوارٍ».
          الثَّالث: أَنْ يكونَ في اللَّفظِ «ثمانيًا» بالنَّصبِ والتَّنوينِ، إلَّا أنَّه كُتِبَ على اللُّغة الرَّبَعيَّةِ(2) فإنَّهم يَقِفونَ على المُنَوَّنِ المنصوبِ بالسُّكونِ، ومِنَ المكتوبِ على لغةِ رَبيعةَ: «وَمَنَعَ وَهَاتِ»، أي: ومنعًا وهاتِ، فحذفَ الألف) انتهى.
          وفي كتاب البِرْماويِّ: («ثمانيَ» فيه ثلاثُ رواياتٍ:
          هذه بياءٍ مفتوحةٍ بلا تنوينٍ، قال(3) ابنُ مالكٍ في «شرح التَّسهيل»: كذا ضبَطَهُ الحُفَّاظُ في «كتاب البخاريِّ»، والأصلُ: ثمانيَ غزواتٍ، فحُذِفَ المضافُ / إليه (4)، وأُبقِيَ المضافُ على هيئتِه قبلَ الحذفِ.
          الثَّانيةُ: «ثمانيًا» بالتَّنوينِ، وهي واضحةٌ.
          الثَّالثة: «ثمانَ» بلا ياءٍ، بلْ بفتحِ (5) النُّونِ على قصدِ الإضافةِ) انتهى.
          (وَإِنِّي): بكسرِ الهمزةِ عطفٌ على (إنَّ) السَّابقةِ.
          (أَنْ كُنْتُ): بالفتحِ مصدريَّةٌ بتقديرِ اللَّامِ، أي: لكوني.
          (أَرْجِعُ): في بعضِها: (أُرَاجِعُ)، وفي بعضها: (أَنْ أَرْجِعَ) بزيادةِ (أن) في خبرِ (كانَ)، ويجوزُ أن يكونَ المصدرُ المؤوَّلُ مِنْ (أنْ) و(كانَ) في محلِّ نصبٍ بدلًا مِنِ اسمِ (إنَّ) في (إِنِّي)، أي: إنَّ كوني أَرْجِعُ أحبُّ إليَّ، وهو أَولى مِن تقديرِ لامٍ فيها، فتأمَّلْهُ.
          وقال الزَّركشيُّ: («أن أَرْجِعَ» بفتح «أَنْ») قلتُ: وحينئذٍ فالظَّاهرُ زيادتُها في خبرِ «كان»، أو تأويلُ الإخبارِ عن اسمها بمصدرٍ بأنْ يُجعلَ وصفًا، انتهى.
          وقال ابنُ قُرْقُول: («إنِّي أَنْ كُنْتُ أَنْ أَرْجِعَ» بفتحِ «أَنْ» في الحرفينِ، و«أَنْ» الأُولى مع «كُنْتُ» في موضعِ المصدرِ بمعنى: كَونِي، وموضعِ البدلِ مِنَ الضَّميرِ في / «إِنِّي»، وكذلك «أَنْ أَرْجِعَ» بتقدير: رُجوعي، أيضًا، ولا يصحُّ الكسرُ فيها(6) في هذا الحديثِ) انتهى.
          (فَيَشُقَُّ): بضمِّ القافِ وفتحِها.


[1] (إليه): ليست في (ب).
[2] في (أ): (الربيعة)، وفي (ب): (الربيعيَّة)، والنسبة إلى ربيعة (ربَعِيّ) بإسقاط الياء، وإضافة ياء النسبة المشددة.
[3] في (ب): (وقال).
[4] (إليه): ليست في (ب).
[5] في (ب): (تفتح).
[6] هكذا في النسختين تبعًا لـــ«مطالع الأنوار» (1/306)، وفي «المشارق» (1/129): (فيهما).