الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا

          1130- (حَتَّى تَرِمَُ): بالنَّصبِ، ورُوِيَ بالرَّفعِ.
          وقال الوالد ⌂: (وفي أصلنا بالرَّفع، وعليه «صحَّ» [في الحديث]، وكذا في التَّرجمة هو مرفوعٌ، ولم يُصَحَّح عليه).
          واعلم أنَّ «حَتَّى» تكونُ جارَّةً بمنزلةِ «إلى» في الانتهاءِ والغايةِ، وتكونُ عاطفةً بمنزلة الواو، وقد تكونُ حرفَ ابتداءٍ يُستأنَفُ بها الكلامُ، كما قال جَريرٌ: [من الطويل]
.......................                     ........ حَتَّى مَاءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ
          فإنْ أدخلْتَها على الفعلِ المستقبَلِ كالَّذي نحن فيه(1) نصبتَه بإضمارِ «أَنْ»، تقولُ: «سرتُ إلى الكوفةِ حتَّى أدخلَها»، بمعنى: إلى أَنْ أدخلَها، فإنْ كنتَ في / حالِ دخولٍ، رفعتَ، وقُرِئَ: {وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} و{يَقُولُ} [البقرة:214]، فمَنْ نصبَه جعلَه غايةً، ومَنْ رفع جعلَه حالًا بمعنى: حتَّى الرَّسولُ هذه حالُه، وكذا الَّذي نحنُ فيه(2) يجوزُ فيه الوجهان، وقد قرأ نافعٌ بالرَّفع، والباقون بالنَّصب) انتهى.
          وتقدَّم في (حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ).
          قوله: (أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟!): الفاء في (أَفَلَا) مسبَّبة عن محذوفٍ، أي: أأترُكُ قِيامي وتهجُّدِي لمَّا غَفَرَ لي فلا أكونُ عبدًا شكورًا؟! يعني: غفرانُ اللهِ أتاني سببٌ(3) لِأَنْ أَقومَ وأتهجَّدَ شكرًا له، فكيف أترُكُه؟! كأنَّ المعنى: كيف لا أشكرُه وقدْ أنعمَ عليَّ وخصَّني بخيرِ الدَّارين؟!.


[1] قوله: (فيه): سقط من (أ).
[2] قوله: (فيه): سقط من (أ).
[3] هكذا في النسختين، وفي مصدره: «الكواكب الدراري» (6/190): (سببًا).