مختصر الجامع الصحيح للبخاري

باب الجمع بين السورتين في الركعة

          ░36▒ بابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَة وَالْقِرَاءَةِ بِالْخَوَاتِيمِ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ
          وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: قَرَأَ النَّبِيُّ صلعم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] فِي الصُّبْحِ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ، أَوْ ذِكْرُ عِيسَى، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ، وَقَرَأَ عُمَرُ ☺ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمَثَانِي، وَقَرَأَ الأَحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِي الأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ أَوْ يُونُسَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ ابن عُمَرَ ☺ الصُّبْحَ بِهِمَا، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ / بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ، وَقَالَ قَتَادَةُ -فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ، أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ-: كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ.
          وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَانَ رَجُلٌ(1) مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاةِ مِمَّا يُقْرَأُ بِهِا، افْتَتَحَ بـ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ بسُورَة أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ وقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا أن تَقْرَأُ بِهَا وإِمَّا أَنْ تَدَعُهَا وتَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهم غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صلعم أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: «يَا فُلانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ؟ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟» فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ».


[1] في هامش الأصل: الرجل هو كلثوم بن زهدم.