مختصر الجامع الصحيح للبخاري

حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت

          2408- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلعم وَهوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ -وَهوَ رَجُلٌ(1) مِنْ بَنِي تَمِيمٍ-فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، قَالَ: «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ لَهُ: «دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَؤُنَ الْقُرْآنَ لا تجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ(2) ، يَمْرُقُونَ(3) مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ(4) فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ(5) فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ(6) -وَهوَ قِدْحُهُ-فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ(7) فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ(8)، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ(9) تَدَرْدَرُ(10)، وَيَخْرُجُونَ عَلَى خير فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ».
          قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلعم ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ☺ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صلعم الَّذِي نَعَتَهُ. [خ¦3610]


[1] في هامش الأصل: ويقال: هو حرقوص بن زهير، وقد كان لحرقوص مشاهد محمودة في حرب الفرس، ثم كان خارجيًا.
[2] في هامش الأصل: قوله: «تراقيهم» التراقي: جمع ترقوة، وهي عظام أعلى الصدر.
[3] «يمرقون»: يخرجون، وبه سميت هذه الفرقة المارقة.
[4] «النصل»: عود السهم.
[5] «الرصاف»: العقب الذي يلوي فوق مدخل النصل في السهم.
[6] «النضي»: عود السهم قبل أن يريش وينصل سمي به لكثرة البري والنحت مكانه جعل نضوًا؛ أي: هزيلًا.
[7] «القذذ»: جمع قذة، وهي الريش الذي على السهم.
[8] «الفرث والدم»: الفرث ما يجتمع في الكرش؛ أي: مرَّ سريعًا في الرمية، وخرج منها لم يعلق منها بشيء من فرثها ودمها لسرعته، شبه به خروجهم من الدين ولم يعلقوا منه بشيء.
[9] «البضعة»: القطعة من اللحم.
[10] «تدردر»: يتدردر؛ أي: يتحرك ويجيء ويذهب.