مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الياء مع الميم

          اليَاء مع الميمِ
          2389- قوله: «فتَيَمَّمْتُ بها التَّنُورَ» [خ¦4418]؛ أي: قصَدت، وكذلك كلُّ ما جاء في هذا اللَّفظِ، وقد جاء مَهمُوزاً.
          2390- وقوله: «في حُلَّةٍ يمنِيَّةٍ» مَنسُوبَة إلى اليَمنِ، وكذا روَاه العُذريُّ / عن أبي بَحرٍ، وعند الصَّدفيِّ عنه «يمَانِيةٍ»، ولغَيرِه: «في حلَّة يُمْنةٍ» مثلُ غُرفَةٍ، وهو ضَربٌ من ثيابِ اليَمنِ، قال بَعضُهم: ولا يُقال إلَّا على الإضافَةِ، ومَن قال: «يمانية» خفَّف الياء؛ لأنَّ الألف عِوَض من ياء النَّسبِ، فلا يجمَع بينهما عند أكثَر النُّحاةِ(1)، وحكَى سيبُويَه جواز ذلك.
          ومِثلُه: «الإيمانُ يَمانٍ» [خ¦3302]، و«الحِكمَةُ يَمانِيةٌ» [خ¦3499] يريد الأنصار؛ لأنَّهم من عَربِ اليمنِ، وقيل: بل قالها وهو بتَبوكَ، ومكَّة والمدينة حِينَئذٍ بَينَه وبين بلاد اليَمنِ، فأراد مكَّة والمَدينةَ؛ لأنَّ الابتداءَ بالإيمانِ من مكَّة لمبعَثِه منها، ثمَّ ظهَر وانتشَر من المَدينةِ، وقيل: إنَّما أراد مكَّة والمدينةَ؛ لأنَّ مكَّةَ من أرضِ تهامة، وتهامة من اليمن.
          وكذلك «الرُّكن اليَماني» [خ¦1644]، و«من أَدَمٍ يَمانٍ» [خ¦6642]، وقد رُوِي: «يمانيٍّ» بشَدِّ الياء.
          وقوله: «يأخذُ السَّمواتِ بيَمينِه» [خ¦4812] من تأوَّله جعَلَه من معنى القُدرة والقوَّة وسُرعَة الفعل.
          وقوله: «يَمينُ الله مَلْأَى» [خ¦7419] كذلك، ومن تأوَّله جعَلَه كِنايَة عن سعَة العطَاء واتصاله، ووجُودِ ما يُعطِي وكَثرَته حتَّى لا ينفذ ولا يَنقُصُ، وفي رِوايَةٍ: «مَلْآنُ».
          وقوله: «يَتقبَّلُها بيَمينِه» [خ¦1410] يعني: الصَّدقةَ، كِنايَة عن القبُولِ والثَّوابِ والرِّضى بذلك العَملِ، والشُّكرِ علَيه بالجَزاءِ، كما قال(2) :
.............                     لَقَّاها عَرَابَةُ باليَمينِ
          استَعارَ لخِصَالِ المَجدِ رايةً، وللمُبادَرةِ إلى فِعْلِها والرَّغبة فيها يَمِيناً، وكذلك لما كان أخذُ الآخذِ والإعطاءُ باليَمينِ استُعِير لكَثرةِ العَطاءِ وسعَتِه، ولسُرعةِ القبُول أيضاً، وقيل: هي إشارَة إلى أفضَل جهَات الإعطاء والبَذلِ والقُبول والفَيضِ، وقيل: بفَضلِه ونِعمَتِه، كما تُسمَّى النِّعمةُ يَداً.
          وقوله: «المُقْسِطونَ على مَنابرَ من نُورٍ عن يَمينِ الرَّحمنِ» مخرَّج على ما تَقدَّم من أهلِ اليَمينِ، أو الجنَّة، أو المُنازِل الرَّفيعة وكَثرَة سعَة الرَّحمةِ.
          وقوله: «وكِلْتا يَدَيْه يَمِينٌ» تَنبِيه للعُقولِ أنْ لا يتوَهَّم في اليَمينِ ولا في اليد ما قد عقلُوه في أيدي المَخلُوقِين، وأنَّ منها يمِيناً يقابلها شمال، فنبَّه أنَّ اليدَ واليمينَ من صفاته / التي لا تُشبَّه ولا تتخيَّل، وأنَّها ليست بمُختَلِفة ولا جارِحَةٍ(3).
          قوله: «فيُؤخَذُ بهم ذاتَ اليمينِ» [خ¦3447]، و«أَدْخِلْهم من البَابِ الأَيمنِ من أبوابِ الجنَّةِ» [خ¦4712]، هو مِثلُ قَولِه: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة:27]، و{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [الواقعة:8]، وقيل في كلِّ هذا: إنها المَنازِل الرَّفيعَة، كأنَّها من اليُمنِ، وأضدادُها المَنازِل الخَسِيسَة، كأنَّها من الشُّؤمِ، والعربُ تُسمِّي الشِّمال شُؤماً.
          وقيل: أهلُ اليَمينِ هنا، وأصحابُ المَيمَنةِ: هم أهلُ التَّقدُّم، وبضِدِّه الآخرُون، قال أبو عُبيدٍ: يقال هو مُجتبى باليَمينِ؛ أي: بالمَنزلةِ الحسَنَة.
          وقيل: هي طرُق اليمين إلى الجنَّة، وقيل: أصحابُ اليمينِ الذين أخذُوا كتبَهم بأيمانهم، وقيل: اليمينُ هنا الجنَّة؛ لأنَّها عن أيمان النَّاس، والنَّار بضِدِّها، وقيل: أصحابُ اليَمينِ الذين خلَقَهم الله في الجانب الأيمَن من صلب آدمَ، وهم الطيِّبون من ذرِيَّته، وأصحاب الشِّمال ضِدَّهم.
          وقوله: «الأَيْمنَ فالأَيمنَ» [خ¦2352] هذا في الشُّربِ، وكذا يَنبغِي أن يكون في غَيرِه، ويدُلُّ علَيه قوله: «يَمِّنوا» [خ¦2571]؛ أي: ابدؤُوا في أمُورِكم باليَمينِ؛ لما في لَفظِه من اليُمنِ(4)، وكان هو يبدَأ بميَامِنه، والشَّرعُ قد جاء بإكرامِ جهَة اليَمينِ وتَنزِيهِها، والبدَاءَة بها في الخَيراتِ.


[1] في هامش (س) حاشية: (قلت: رجل يمان وامرأة يمانية، ذكره ابن قتيبة فيما جاء خفيفًا والعامة تُشدده، قال ابن السيد في شرحه: قد حكى أبو العباس المبرد أنَّ التشديد لغةٌ). انتهى.
[2] عجز بيت للشماخ بن ضرار، صدره:
~إذا ما رايةٌ رفِعتْ لمجدٍ                     ..................
[3] في هامش (س): (خ وطريقها التصديق والتسليم صح).
[4] في (س): (اليمين).