حاشية على صحيح البخاري

المقدمة

          ♫
          وبه ثقتي (1)
          وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
          اعلم أنَّ تراجم الصحيح على قسمين: قسمٌ يذكره لأجل الاستدلال بحديث الباب عليه، وقسمٌ يذكره ليُجعل كالشرح لحديث الباب، ويُبَين به مجمل حديث الباب، مثلاً يكون حديث الباب مطلقاً قد عَلِم تقييده بأحاديث أُخر فيأتي بالترجمةِ مقيدةً، لا ليستدل عليها بالحديث المطلق بل ليبيِّن أنَّ مجملَ الحديث هو المقيَّد، فصارت الترجمة كالشرح (2) للحديث، والشُّرَّاح جعلوا الأحاديث كلها دلائل لما في الترجمة، فأشكل عليهم الأمر في مواضع، ولو جعلوا بعض التراجم كالشَّرح خلصوا عن الإشكالِ في مواضع، وأيضاً كثيراً ما يذكر بعد الترجمة آثاراً لأدنى مناسبة بالباب، وكثير من الشُّرَّاح يرونها دلائل للترجمة فيأتون بتكلُّفات باردة لتصحيح الاستدلال بها على الترجمة، فإن عجزوا عن وجهِ الاستدلال عدوه اعتراضاً على صاحب ((الصَّحيح))، والاعتراض في الحقيقة متوجِّه عليهم حيث لم يفهموا (3) المقصود، وأيضاً كثيراً ما يكون ظاهر الترجمة / معنى فيحملون الترجمة عليه، والحديث لا يُوافقه فيعدون ذلك إيراداً على صاحب ((الصحيح)) مع أنَّه قصد معنى يوافق (4) الحديث قطعاً، وقد تكون معنى الترجمة ما فهموا، لكن تطبيقُ الحديث عليه (5) يحتاجُ إلى فضل تدقيقٍ، فكثيراً ما يغفلون (6) عنه ويعدُّونه اعتراضاً، وأنت إذا حفظت وراعيت ما ذكرنا لك يسهل (7) عليك مواضع عديدة ممَّا صَعُبت عليهم.
          وسيجيءُ لك في هذا التَّعليق اللطيف حلُّ مواضع تحتاجُ إلى فضل دقَّة إمَّا في فهم معنى الترجمة، أو في تطبيق الحديث بها إن شاء الله تعالى يظهر لك ذلك إن راجعت هذا التَّعليق بعد مُراجعة الشُّروح، وكنت من أهل التمييز، والله تعالى أعلم.


[1] ((وبه ثقتي)): ليست في (ز).
[2] في (م): ((كائنة)).
[3] في (ز): ((ما فهموا)).
[4] في (ز): ((يوافقه)).
[5] في (ز): ((به)).
[6] في (م): ((يعقلون)).
[7] في (ز): ((يشهد)).